وخامسها: وهو الوجه اللمى وهو أن الأمر بالشيء يحسب تارة بمصلحة تنشأ من فعل المأمور به، وأخرى بمصلحة تنشأ من نفس الأمر، نحو امتحان المأمور وتجربته بما يظهر عليه من علامات البشر والكراهة وتوطين نفسه على الامتثال وانزجاره عن القبائح بسبب اشتغاله بمقدمات المأمور به، ولكونه لطفًا لغيره، فإنه قد يعلم بسبب الأمر جنس المأمور به فيقدم على فعله، ولذلك يحسن من السيد أن ينجز الأوامر على عبده مع علمه بأنه سينسخها عنه ولذلك يحسن منه أيضًا أن يأمره بصوم شهر، وإن فرض أنه يعلم بقول: نبي أو ولى أنه لا يعيش إلى ذلك الشهر، وإذا كان كذلك فلا امتناع في أن يأمر الله تعالى أو رسوله المكلف بشيء مع علمه تعالى بأنه يعيش إلى أن يتمكن منه، وكذلك رسوله للفوائد التي ذكرناها.
وسنحيط بالمسألة علمًا في مسألة جواز النسخ قبل حضور وقت العمل به.
واحتجوا بوجهين:
أحدهما: أن المأمور بالشيء إنما يعلم أنه مأمور به حقيقة قبل التمكن من امتثاله، أن لو كان مأمورًا به حقيقة في نفس الأمر قبل التمكن، وإلا لكان