جهلاً، ضرورة أنه غير مطابق لما هو الواقع في نفس الأمر، لكنه غير مأمور به حقيقة في نفس الأمر قبله، لأنه لو كان مأمورًا به حقيقة قبيله، فإما أن يكون بشرط البقاء إلى التمكن أولا بهذا الشرط.
والأول: باطل لاستحالة حصول المشروط بدون الشرط.
والثاني: أيضًا باطل، لأنه تكليف ما لا يطاق، وليس هذا تفريعًا عليه، إذ قال به منكم من لم يقل بتكليف ما لا يطاق، كالغزالي - رحمه الله تعالى -.
وجوابه: منع لزوم تكليف ما لا يطاق على التقدير الثاني، وهذا لأن من الظاهر أنه لا يلزم من عدم توقف تحقق الأمر في نفسه وقيامه بالأمر على التمكن كلفه فضلاً عن أن يكون ذلك تكليف ما لا يطاق، وإنما يلزم ذلك من عدم توقف الامتثال عليه، لكن لا نسلم أن تحقق الأمر يستدعي تحقق الامتثال حتى يلزم ما ذكرتم من تكليف ما لا يطاق، وهذا لأنا نجوز أن يكون المعدوم مأمورًا بالمعني الذي تقدم ذكره.
وكذلك من لم يبلغه الأمر، ولكن إنما يجب عليه الامتثال بشرط أن يبلغه فأما قبله فالأمر متحقق، وإن لم يجب عليه الامتثال لفقد شرطه.
وثانيهما: أن الأمر طلب الفعل من / (191/أ) المأمور فيستحيل قيامه بذات من يعلم امتناع حصوله منه، لأن طلب الممتنع ممتنع إلا على رأي من يجوز تكليف ما لا يطاق، وليس الكلام في هذه المسألة تفريعًا عليه فهو جار مجرى قوله: صم إن صعدت السماء، ومعلوم أنه ليس من الأمر في شيء إلا من جهة الصيغة.