ويبتني على هذه الحالة أن قوله مقبول وحده؛ فإنه حاكم، وقول الحاكم مسموع في استمرار ولايته.
فاما إذا لم يُنَصِّب حاكماً في التزكية، ولكن يراجعُ معيَّنين مراجعةَ الشهود، فعلى هذا يشترط العدد بلا خلاف؛ فإن عماد القضاء الجرحُ والتعديل، فلا بد من الاستظهار الأكمل فيه.
ثم إذا اشترطنا العدد، وضممنا إليه اشتراط السماع من المزكين، فلا بد من لفظ الشهادة، وإن اكتفينا بقول الرسل، فقد ذكر صاحب التقريب على قياس مذهب الإصطخري وجهين في اشتراط لفظ الشهادة. وسببُ التردد ميلُ أقوال الرسل عن القاعدة في أنها مقبولة مع إمكان الوصول إلى الأصول، ولكن العدد لا بد منه وفاقاً، كعدد المترجِم حيث يُقطع باشتراطه، ثم يُتردد في لفظ الشهادة، كما ذكرناه في المترجم.
11909 - فأما الكلام في صفة التزكية والجرح: فالقول فيها يتعلق بمأخذهما، وكيفية العبارة عنهما.
فأما مأخذهما، [فإن] (?) كان المرء يزكي بنفسه، ويشهد بناء على ما ظهر له، فلا يكفي النظرُ إلى ظاهر العدالة والبناءُ على تحسين الظن؛ فإن الشاهد لو اكتفى بظاهر العدالة، لما احتيج إليه، ولاكتفى القاضي بظاهر العدالة، فلا بد إذاً أن يكون الشاهد على العدالة خبيراً بباطن من يزكيه مخالطاً له في الأحوال التي يظهر فيها مكنون الأسرار، وتكون مخالطته في الأحوال التي وصفناها على امتدادٍ في الزمان.
والأصل في ذلك ما روي أن رجلاً شهد عند عمر بن الخطاب، فقال: " أما إني لا أعرفك، ولا يضرك أن لا أعرفك فأتني بمن يعرّفك، فجاء رجل فعدّله، فقال عمر رضي الله عنه: هل كنت جاراً له فتعرف إصباحه وإمساءه؟ فقال: لا، فقال: هل عاملته على الدينار والدرهم؟ وفيهما تعرف أمانات الرجل، فقال: لا. فقال: هل