تعالى ويتقربَ به، فيجبُ الوفاء، ويلزمه تبليغُه مكة، ولا خلاف في التزام ذلك، وكل ما نذكره يؤكد التزام القربات، فإن الهدي في نفسه قُرْبة، وتبليغُه الحرمَ مزيّة، ثم إذا صرح كما ذكرناه، وبلَّغ يلزمه أن يذبح أو ينحر في الحرم، والأصح أنه يلزمه تفرقةُ اللحم ثَمَّ، فلو نقله من الحرم، وفرقه في موضعٍ آخر، لم يُجْزه.

ومن أصحابنا من يقول: إذا نحر أو ذبح في الحرم، فلا حجر عليه، ولا حرج لو نقل اللحم إلى موضع آخر؛ فإن الذبح قُربة، وهو لم يقيد نذره بتفرقة اللحم، والأصحُّ الأولُ؛ فإن الذبح إنما يتقيد بالحرم حتى يكون اللحم المفرقُ على أهله غضاً طرياً، وإلا فلا أَرَبَ في اتخاذ الحرم مذابح ومجازر.

وما ذكرناه فيه إذا ذكر لفظاً يُشعر بذكر قربة، كالضحية وما في معناها، فلو قال: لله علي أن أذبح بمكة [أو أنحر] (?) بمكة، فالذي ذهب إليه الأكثرون أن هذا بمثابة نذر التضحية؛ لأن لفظ الذبح محفوف بالنذر من أحد جانبيه، والإضافة إلى مكة [من الجانب الآخر] (?)، وكل واحد منهما يشعر بالقربة، [فصار] (?) بمثابة ما لو ذكر لفظ التضحية.

وقال بعض أصحابنا: لا يلتزم بهذا اللفظ شيئاً؛ فإنه لم يذكر عن الملتزَم عبارةً مشعرة بالقُربة، وإنما تثبت القربة بما هو عبارة عنها.

فإن ألغينا اللفظ، فلا كلام، وإن أثبتناه، فهو بمثابة ما لو ذكر التضحية، أو غيرها مما يدل على القُربة، وقد مضى التفصيل فيه.

11858 - ولو قال: لله علي أن أضحي بشاة بنيسابور، وأفرق لحمها بها، فالنذر مُلزِم؛ فإن اللفظ صريح عن القربة، وهل يجب تفرقة اللحم بالبلدة التي عينها أم لا؟ فعلى قولين مأخوذين من تفرقة الصدقة ونقلِها، فإن لم نجوز نقل الصدقة، لم نجوز النقل عن البقعة المعينة؛ فإنا إن نظرنا إلى تنزيل المنذور على موجب الواجب في الشريعة، فالنقل ممتنع، وإن تمسكنا باللفظ، فاللفظ صريح في التخصيص.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015