فصل
11703 - لو كان يتناضل جمعٌ، فمرّ بهم مارٌّ، وقال لمن انتهت النوبة إليه، وكان على أن يفوّق ويرمي: إن أصبت بهذا السهم، فلك دينار، قال الشافعي نصّاً: " إذا رمى وأصاب استحق الدينار وتلك الإصابة محسوبة له من المعاملة التي هو فيها " وهذه المسألة لا يُؤثر فيها خلاف عن أحد من الأصحاب، وهي دالة على انقطاع هذه المعاملة عن مضاهاة الإجارة؛ من جهة أنها لو كانت بمثابتها، لاستحال أن يستحق بعمل واحدٍ مالين عن جهتين، ووجه الفصل أن سبب استحقاق الأسباق الشرطُ لا رجوع العمل إلى [الشارط] (?) وهذا يؤكد أن المعاملة إذا فسدت، فالرجوع إلى أجر المثل عَسِر، فإنَّ العامل ليس يعمل لغيره، وإنما استحق المالَ المشروط عند عمله على الشارط وفاءً بالشرط.
وقال الأصحاب قياساً على ما ذكره الشافعي: لو كان يناضل رجلاً والمشروط عشر قرعات، فشرط أن يناضل بها رجلاً آخر، ثم ثالثاً إلى غير ضبط، حتى إذا فاز بالقرعات كان ناضلاً لمن يراميه وإن تعددوا، فهذا جائز جرياً على ما مهده الشافعي، وتعليله تنزيله على موجب الشرط، وقطعه عن قياس الأعمال المقابلة بالأعواض.
ثم قال الشافعي: إذا انتهت النوبة إلى رامٍ، فأخذ يُطوّل، وقد تبرد بهذا السبب يدُ الرامي قبله، فإن قضينا بأن المعاملة جائزة، فلا اعتراض، ولا طلب على المطوّل، وإن قضينا بلزوم [المعاملة] (?) على التفصيل المقدم، فهو مطالب بالجريان على موجب العادة في الرمي بلا إرهاق ولا استعجال [في الرمي] (?) يحمله على ترك الحصافة والتأنق، ولا تطويل يخالف العادة، وهذا واضح.