على القسي العربية وأمهر فيها، فالوجه حسم ذلك بالكلية.
ولو وقع التناضل من غير (?) تعرضٍ لتعيين نوع من القسي: نُظر، فإن كانت الناحية تشتمل على الأنواع والترامي غيرُ نادرٍ بالجميع، فقد اختلف أصحابنا: فقد ذهب بعضهم إلى أن المناضلة المطلقة فاسدة في مثل هذه البقعة؛ فإنها أنشئت على الجهالة، مع تفاوت الغرض، واختلاف المقصد، وهذا ما مال إليه صاحب التقريب، ووجهه بيّن. وذهب الأكثرون من الأصحاب في طرق العراق وغيرها إلى تجويز المناضلة المطلقة.
فإن أفسدنا، فلا كلام، وإن حكمنا بالصحة، وهو الذي صار إليه الجمهور، فقد قال العراقيون: لا بُد وأن يقع الترامي على نوع واحد، فإذا أخذ واحدٌ العربية، امتنع على الآخر أَخْذُ الفارسية، ثم قالوا: الخيرة إليهما في تعيين نوعٍ يريدانه.
وهذا كلام مبهم، لا أقنع بمثله، وإشكاله يبين بسؤال، وهو أن قائلاً لو قال: إذا اختار أحدهما العربية، واختار الثاني الفارسية، وتنازعا، فكيف التفاصيل؟ وليس أحدهما أولى من الآخر، وهذا يُفضي إلى تعذر إمضاء العقد. هذا هو السؤال. والجواب عنه عسرٌ.
[والوجه] (?) بعد بيانه أن نقول: إن حكمنا بلزوم هذه المعاملة، فالوجه أن نحكم بأن الإطلاق فيه مفسدٌ؛ لإفضائه إلى ما وصفنا، وليس ذلك كفرض اختلاف المتبايعين في الثمن والمثمَّن؛ فإن اختلافهما في حكم النادر الذي يطرأ، وليس من مقتضيات العقد، والمعاملة التي نحن فيها تُفضي لو صحت إلى الخيرة التي ذكرها العراقيون، ثم ينشأ منها التنازع لا محالة، فقد أدت المعاملة بمقتضاها إلى ما يوجب رفعها. وإن حكمنا بأن هذه المعاملة جائزة، فلا يمتنع على ذلك الحكمُ بانعقاد العقد، ثم إن توافقا على نوع، فذاك، وإن تمانعا، فالمعاملة عرضة الفسخ، وليس جريان الفسخ فيه مناقضاً لوضعه.