وأَجْرَوْا وجهين في جواز التعامل بينهما في إصابة مُعيَّنٍ شاخص، ورأَوْا هذه المعاملة أقربَ إلى الجواز؛ لما أشرنا إليه من ظهور التعويل على الرمي والرامي فإن قيل: لم قلتم التعويل في المسابقة على الفرس، والتعويل في المناضلة على الرامي؟ قلنا: لسنا ننكر أثر الفارس، ولكن الأثر الأغلب محال على الفرس، وليس المقصود من الركض تعلم الفروسية، فإن الفروسية لا تتعلم بهذه الجهة، وإنما تتعلم بمعرفة الرياضة ثم كيفية الرِّكْبة (?) والهيئة، وضبط العِنان في الخبب والهرولة، والإدارة على الحلقة المسماة (آورد) (?)، والغرض الأظهر من ركض الخيل تضميرها وتمرينها على العدو، وهذا لا يحصل إلا بالركض، وأما القسي فلا تصلح بالرمي، وإنما يصلحها القواس، والغرض تمرن الرامي على الرمي، والعبارة القريبة في الفرق: أنَّ الفرس حيوانٌ يعدو باختياره، وليس على الفارس إلا تزجيته، والاختيار كله في الرمي للرامي.
11691 - ومما نقدمه أنَّ التعامل إذا وقع على القسي العربية، فأراد أحد المتناضلين أن [يُبدّل] (?) القوس العربية بالفارسية (?)، لم يكن له ذلك لما بين الفارسية والعربية من البَوْن البعيد، والفارسية أشدّ، والرمي منها أسدّ، ومدى سهمه أبعد، ونحن لا ننكر أثر الآلة، وإن كان التعويل على الرامي.
ولو وقع التناضل على القسي الفارسية، فأبدل أحدُهما القوسَ بعربية، ففي المسألة وجهان: أحدهما - أن ذلك جائز؛ فإنه انتقل من الأجود إلى ما دونه، فليس فيما فعل إجحاف.
والثاني - لا يجوز ذلك حسماً لإبدال الجنس بالجنس، وقد يكون أعرف بالرمي