وأقصى الإمكان في ذلك أن نقول: إذا رأى الرُّماة أمراً فيما بين أظهرهم (1 من مصالح المعاملة 1)، وليس ما رأوه مما يشهد له قياس، فهل نتبع ما رأوه مصلحةً، أم نرد المعاملة إلى موجب القياس؟ هذا محل التردد، وبيانه بالمثال أن للرماة مناقشة فيمن يبدأ بالرمي، ولهم في ذلك غرض: فالذي يبتدىء يصادف القرطاس نقياً سوياً، ويكون هو على جمام قوته، فيطلب الرمي، وحكم القياس أنه ليس البعض أولى بهذا من البعض.
والذي رآه الرماة مصلحةً أن يفوضوا الحكم في ذلك إلى من يُخرج المال، وهذا يحرّض على إخراج المال، فالاعتبار بالقياس الذي إليه الإشارة في أحد القولين، ولا احتكام لأحدٍ، كما سنفرع عليه. والاعتبارُ بما يعتاده الرماة في القول الثاني، فلا مرجع لما يتردد فيه المذهب من ذكر القياس والعادة إلا ما ذكرناه.
ثم لست أرى ذلك أمراً مطرداً يُهتدى إليه كالمآخذ التي تبنى المسائل عليها، وإذا عظم وقع القياس، وبعُد ما يُرعى من عادة الرماة عن القياس بُعداً ظاهراً مصادماً للفقه والمعنى، فليس إلا اتباع القياس، وإنما يحتمل مجانبة القياس إذا قرب الأمر، كالبداية التي ذكرناها، فإن الأمر فيها وإن كان مقصوداً ليس [واقعاً] (?)، وهذا قريبٌ من التردد في أن إعلام المعاليق هل يجب في الدّابة المكتراة، أم يُقْتَصَرُ فيه على ما يجري العرفُ به؟ هذا هو الممكن في ضبط ذلك وسيزداد أُنْس الناظر به إذا تكررت المسائل.
11678 - والآن إذا ذكرنا البداية، فنستتم القول فيها ونقول: إن وقع التعرّض لمن يبدأ ذكراً، فهو متبع، وإن لم يتعرض المتعاقدان لمن به البداية، ففي المسألة قولان: أحدهما - ينزل العقد على ما يراه الرماة، وقد نقل الناقلون أنهم يحكِّمون مُخرِج السبَق، كالوالي والواحدِ من عُرض الناس، ومن حكمهم المتعارف بينهم، هذا الذي ذكرناه، والأمر فيه قريب، والعقدُ عقد خطر، لا يبنى الأمر فيه على نهاية الإعلام.
هذا قولٌ، وهو ضعيف.