فصل

يشتمل على تمهيد أصل عظيم تستند إليه مسائلُ جمّة

11677 - نقل الأئمة تردد الشافعي في أن المتبع في النضال القياسُ، أو العادة التي تجري بين الرُّماة، وهذا مشهور على هذه الصيغة، وهو مشكل؛ فإن القياس حجة في الشرع، فإن كانت العادة موافقة لموجب الشرع، فلا معنى للتردد، والمتّبعُ الشرعُ وقياسُه، وإذا كان للرماة عادة يناقضها [القياسُ] (?) المعتبرُ في الشرع، فلا معنى لاتباع عادتهم، والوجه القطع بالتعلق بالحجة الشرعية، قال الصَّيدلاني: أراد الشافعي عادة الفقهاء. وهذا [كلام] (?) غير متين؛ فإن الفقهاء الذين تعتبر مذاهبهم أوّلاً هم المجتهدون، والمجتهد الرامي مُعْوِز (?)، وقد يوجد في القطر الواحدُ فحسب، فما معنى العادة مع الاتحاد (?)، ثم هذا الفقيه بماذا يأخذ؟ فإن أخذ بالقياس، فالرجوع إلى مأخذه، وإن كان يستجيز مخالفة القياس، فما وجهه؟

وقال شيخنا أبو محمد: المعنيُّ بالرجوع إلى العادة أنه لو أطلقت في المناضلة لفظة، والرماة يفهمون منها معنىً، فعادتهم تُتَّبع، وهذا الذي قاله ليس مما نحن فيه، بسبيل؛ فإن الأمر إن كان كذلك، وصح فَهْمُ الرُّماة من الألفاظ التي يطلقونها، فلا يجوز أن يكون في اتباع العادة خلاف إن تحقق اطرادها، وهذا بمثابة حملنا الدراهم على النقود الجارية في العقود، وإنما الذي نطلبه قياسٌ في مقابلة عادة، والذي يقتضيه القياس تنزيل اللفظ على حسب التفاهم، وهذه قاعدة ممهدةٌ في جميع العقود، فلا يبقى إذاً لتنزيل القولين في تعارض القياس والعادة وجه سديدٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015