" أما إني نهيتكم للدافّة التي دفّت إلى المدينة -وأراد طائفة من الفقراء والمحاويج كانوا دخلوا المدينة لإضاقة أصابتهم- ثم قال: ألا، فكلوا وادّخروا، وائتجروا " (?). فذكر ثلاثَ جهات، وأشعر قوله بأن التصدق بالثلث.

ثم هذا الفصل وإن كان من الجليات، فيجب التحفظ فيه عن الزلل. ونحن نقول: لم يصر أحد من الأصحاب إلى وجوب التصدق بالثلث أو النصف، ومنهم من لم يوجب التصدق أصلاً، وجوّز أكل الكل، ومن أوجب التصدق، اكتفى بما ينطلق عليه الاسم، وإن قل، ثم تلك الصدقة التي نراها مفروضة يجب صرفها إلى المساكين، ويكفي صرفها إلى مسكين واحد، فإنَّا لا نرى في الشرع لذكر الجمع في هذا الباب أصلاً، والتردد في الثلث والنصف آيل إلى إحياء الشعار، وبيان المستحب، وذكرنا استحباب أكل شيء، ولا ينتهي القول فيما نستحبه إلى نصف ولا إلى ثلثين، ولكن كلما قَلَّ المأكول، وكثر المتصدق به، كان أحسن وأفضل.

فإن قيل: ما وجه جواز أكل الكل؟ قلنا: نحن في المتطوع به، وقد يبعد في نفس الفقيه وجوب التصدق من غير نذر.

ومن تأمل هذا، غمض عليه وجه وجوب التصدق بمقدار، ولا خلاف أن الضحية إذا ذبحت وكانت منوية غير متعيّنة لفظاً ولا منذورة، [فليست] (?) هي شاةَ لحم، حتى يجوز بيعها، كما سنصف ذلك في فنٍّ مفرد، ثم ما يجوز أكله يجوز صرفه إلى الأغنياء على جهة الإطعام، ولا نحسب ما يُطعمه الأغنياء مما يُستَحَب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015