قبل أن يدركه الصائد، فإن لم يقصِّر على ما سنصفُ -إن شاء الله تعالى- فالصيد حلال. وإن قصّر، فالصيد حرام، واختلف أئمتنا في أنا هل نكلفه -إن رام الحِلّ- أن يعدوَ، أم يكفيه أن يمشي؟

ومنشأ هذا الخلاف من قاعدة قد يتردد النظر فيها: وهو أنا نكلفه (?) الطلب المعتاد، والتردُّدُ في وجه الاعتياد من جانبه، فمن كلفه العَدْوَ، فقد تخيل اعتيادَه في هذا المقام، ومن لم يكلفه العدوَ اعتبر ذلك بالمشي إلى الجماعة يوم الجمعة، مع ظهور أمارات التحرّم بالصلاة.

ثم على الوجهين تصرفٌ فمن كلف العَدْوَ، لم يكلف الإيغال فيه حتى [يبتهر] (?) أو ينالَه ضرر ظاهر، ومن اكتفى بالمشي، وهو الذي ذكره الصيدلاني، فالوجه عندي أن يتشوف إلى الإسراع في المشي قليلاً؛ فإن الماشي في هَيْنة خارجٌ عن عادة الطلب تحقيقاً، وظاهر ما ذكره الصيدلاني أنه يلزم عادته القديمة، ولفظه: " فلا نُلزمه أن يعدوَ، وأن يَحْمِل على نفسه ليدركه، بل على عادة مشيه ". وهذا بعيدٌ إلا أن يُحمل على عادة المشي في المتصيّد. وهذا التأويل بعيد عن لفظه.

ثم إذا أدرك الصيد وبه حياة معتبرة، فلم يكن معه مدية، فمات الصيد، حرم. وحق من يعاني هذا الشأن أن يكون مُعِدّاً، ولو كان معه السكين، فنشب في الغمد، ففات الصيدُ بالموت، فهو حرام، فإنه مقصر في تهيئة مدية تنطاع إذا ابتدرها. وكذلك لو كانت بحالة لا تَفْرِي، فسبق موت الصيد، فهو حرام، وإن دهِش، فأعمل ظهر السكين، فمات الصيد، حرم.

ولو كان معه سكين متغلغل في الغمد، فانسلّ، فأدرك الصيد كذلك ومات، فقد فات الحل؛ فإن جميع ما وصفناه ينتهي إلى التقصير، وتركِ الاستعداد.

ولو كان يتبع الصيدَ، فاعترض له إنسان، وسلّ السكين من حيث لا يشعر، فأفضى إلى إدراك الصيد حياً ثم مات، فهو ميتة، لانتسابه إلى عدم التحفظ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015