وإن لم يوجد سبب آخر، ولكن غاب عن البصر ثم أُدرك ميتاً ولم يُلفَ عليه جرح وتكسر، يحال على عثرةٍ أو سقطةٍ، فهذا محل القولين: قال الشافعي في أحد القولين: إنه محرم، والدليل عليه ما روى ابنُ عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروي موقوفاً عليه، أنه قال: " كل ما أصميت، ودعْ ما أنميت " (?) والتفسير: كل ما يموت بجرحك وأنت تراه، وما أنميت ما غاب عنك مقتله، والقياس تغليب التحريم للتردد الظاهر. والقول الثاني - أنه يحل؛ لأنه لم يتحقق سببٌ سوى الجرح الذي ناله من الصّائد، فالوجه إضافة الموت إليه، وحملُه عليه، ونحن قد نثبت القصاص إذا تقدم جرح عمد، ودام أثره إلى اتفاق الموت وكذلك تُشغل الذمة، والأصل براءتها، وأقرب ما يشهد لهذا القول تحليل الجنين، فإنا نحيل موته على انقطاع [رَوْح] (?) الروح عنه بذبح الأم، وإن أمكن تقدير موته بسبب آخر.
فصل
قال: " وإذا أدرك الصيدَ لم يبلغه سلاحه ... إلى آخره " (?).
11543 - إذا أرسل كلبه أو سلاحه، فإن أصاب مذبحَ الصيد ما أجهزه وأنجزه، فلا كلام، فهو حلال. وإذا أدركه، وهو في حركة المذبوح، فلا نتعرض له ونتركه يهدأ. وكذلك لو أصاب موضعاً آخرَ منه صار به إلى حركة المذبوح، فالأمر على ما ذكرناه، وإن لم يصر إلى حركة المذبوح، حتى أدركه الصائد، فينبغي أن يقطع حلقومَه، ومريئه، ولو تركه مع علمه بما به، ولكن كانت فيه حياةٌ مستقرة، فلو مات، فهو حرام؛ فإنه تمكن منه وفيه حياةٌ مستقرّة، فإذا لم يذبحه الذبحَ المتعبد به في المقدور عليه، لم نحكم بحِلّه.
ولو كان الجرح كما ذكرناه غيرَ منجز، واستعقب حياةً مستقرّة، ولكن مات الصيد