قال الشافعي: " لا يجوز أن يغزو بجُعلٍ ... إلى آخره " (?).
11359 - ليس للواحد من المسلمين أن يستأجر مسلماً على الغزو، وهذا متفق عليه، وقد فصَّلتُ في كتاب الصداق ما يجوز الاستئجار عليه، وما لا يجوز، وألحقتُ هذا بما لا يجوز الاستئجار عليه. ثم إذا فرض الاستئجار على الفساد، وانطلق المستأجَر، وحقق المستدعَى (?) منه، فلا يستحق الأجرة؛ فإن الجهاد يقع عمن تعاطاه، وهو بمثابة ما لو استأجر الرجل على الحج صرورةً لم يحج عن نفسه، فإذا حج الأجير، ونوى مستأجِره على ظن أن الحجة تنصرف إليه، فالحج ينصرف إلى فرض الأجير، ولا يستحق الأَجرة المسماة.
وذكر أصحابنا تردّداً في صورةٍ، وهو أن الاستئجار على الحج إذا صح، وكان الأجير حج عن نفسه حجة الإسلام، فإذا صح عن مستأجِره وانعقد الحج عنه، ثم صرف الإحرامَ إلى نفسه على اعتقاد أن الإحرام ينصرف إليه بقصده وصرفه، فلا شك أنه لا يصرفُ إليه، ويقع صحيحاً عن المستأجِر. وهل يستحق الأجير الأجرة؟ فعلى وجهين: أحدهما - أنه يستحقها لتحصيله مرادَ المستأجِر [والثاني - لا يستحقها] (?) بقصده إيقاعَ الحج عن نفسه.
والصرورة إذا نوى مستأجِره، فلا شك أنه لا يستحق الأجرة المسماة؛ فإنها إنما تستحق في الإجارة الصحيحة، واستئجار الصرورة فاسد، والمذهب الذي لا يسوغ غيره أنه لا يستحق أجرةَ المثل أيضاً، لأنه عمل لنفسه، فيستحيل أن يستحق أجرةَ المثل بمجرد القصد، وأجرةُ المثل إنما تُستحق بالعمل، وليس كما إذا صرف الأجيرُ الحجَّ عن نفسه؛ فإنا في وجه ضعيف أسقطنا أجرته بقصده؛ فإنه يملك إسقاط الأجرة بطرق، وظن صاحبُ هذا الوجه أن قصده من المسقطات. فأما استحقاق أجر العمل بمجرد القصد، فمحال اعتقادُه والمصير إليه.