غير معتاد، فليس كذلك إذاً. وقد يعتاد التسييب في المواشي الممتنعة من صغار السباع كالإبل والبقر والخيل، وقد تسيب الأغنام حيث لا ذئاب ولا سباع، ففي مثل ذلك نقول: لا تفريط على المسيب.
فإذا اندفع السؤال يتكرر التصوير، فلو صوّر مصوّر التسييب في الأغنام تضييعاً، ففي هذا نظر، فإن التضييع -إن كان (?) - آيل إلى الأغنام، فلا يُعد هذا عدواناً على المزارع، ولا أُبعد أن يفصل الفاصل بين أن تتسيب في مواتٍ بعيدةً عن المزارع، ثم يتفق انتشارها إلى أطراف المزارع، وبين أن يرسلَها في أطراف المزارع. فإن فعل ذلك من غير راعٍ، فإنها تنتشر، ويعد مثل ذلك تسبُّباً إلى إفساد الزرع.
ومن اتخذ الخبر معتبره، لم يلتفت على هذه التفاصيل.
11261 - والمذهب الصحيح اتباع المعنى، وتنزيل الخبر على ما وجده رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمانه، وإذا كنا نتبع المعنى، فيبعد كلَّ البعد ألا ينسب أرباب المواشي إلى التفريط إذا أرسلوها في إيتاء (?) الزروع، وتركوها غيرَ مرعية؛ فإن هذا على القطع يخالف العادة، والوجه أن تبعد عن المزارع، ثم قد تتسيب إذا لم تكن في مشابع ومواضع يتوقع ضياعها، وأرباب الزرع يحفظون أطراف الزرع حتى لا تنعكس عليها المواشي المسيبة.
ومما ذكره المفصلون المتبعون للمعنى: أن البساتين إذا كانت عليها أغلاقها، وأبوابها، أو كانت الزروع في محوطات على هذه الصفة، فالعادة جارية بردّ الأبواب، والاستيثاق بالأغلاق، فلو ترك أربابُ البساتين الأبوابَ مفتوحةً بالليالي، فانتشرت فيها المواشي، فقد قال الأصحاب: لا ضمان؛ تعويلاً على تفريط ملاك البساتين، ومعنى تفريطهم خروجُهم عن العادة، وتركُهم الاحتياط مع سهولة اعتياده.
فإن قيل: فقد فرط أرباب المواشي في إرسالها أيضاً. قلنا: نعم. ولكن تضييع البساتين مستقلٌّ في إسقاط الضمان، ولا نظر بعد هذا إلى تفريط ملاك المواشي. ثم