بالليل، فهو ضامن على أهلها: معناه فهو مضمون على أهلها. وهو كقولهم: سرٌّ كاتم. أي مكتوم.
ثم قال الأصحاب: إذا تمهد المقصود، واعتضد بخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم، فالرجوع فيما يكون تقصيراً من كل جانبٍ إلى العادات، والعادة الغالبة أن المواشي تسرح نهاراً في المراعي، وأرباب الزرع يحفظون زرعهم بالنواطير والحفظة المترتبين. ثم إن أرباب المواشي يردّدون مواشيهم إلى مرابضها، ولا يتركونها تنتشر ليلاً، فإن هي انتشرت، فالتفريط معزيٌّ (?) إلى ملاكها، ويلزمهم الضمان، حتى قال الأصحاب: إن كان العادة في بعض الأقطار على العكس من ذلك، فكانت المواشي ترسل ليلاً لترعى، وتربط نهاراً، والزروع تحفظ ليلاً، فالأمر ينعكس. والمتبع التفريط، كما ذكرناه. هذا أصل المذهب.
وحكى الشيخ أبو علي قولاً: أنا نتخذ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجوعنا، فلا نعدل عنه، ولا ننظر إلى اختلاف عادات البلاد، فكل ما يقع نهاراً، فلا ضمان على ملاك البهائم، وكل ما يقع ليلاً، فعليهم الضمان؛ فإن تتبع العادات عسير، فالوجه البناء على غالبها، وترك المبالاة بما يندر.
11260 - ومما يتصل بما نحن فيه أن قائلاً لو قال: إن المواشي، وإن كانت ترسل نهاراً؛ فإنها لا تخلو عن راعٍ مراعٍ لها، ولا تسيّب من غير مراقبة، وإذا كان كذلك، فمن يرعاها يجب أن يكلأها، وقد تتسع المزارع حتى يعسر حفظها بالنواطير، وحفظ المواشي بالرعاة أقربُ في حكم الاعتياد.
وهذا متجه إن راعينا العادة، والوجه فيه أن نقول: هذا قول من لم يُحط بوضع الفصل، فإنا قلنا: مضمون الباب قسمان: أحدهما - في بهائم مسيبة لا حافظ معها، والآخر - فيه إذا كان معها من يكلؤها. فإذأ فرض الفارض مواشٍ عليها راعٍ مالكاً كان أو أجيراً، فلا خلاف أن ما تُتلفه يجب الضمان فيه، على ما سنشرحه في القسم الثاني، إن شاء الله تعالى. فإذاً هذا القسم في بهائمَ لا راعي معها. فإن قيل تسييبها