المكرهين. فقد تأسس الشرعُ على أن الجلاد لا ينتاط به غرمٌ ولا طِلْبَة، وأمرُه من النوادر؛ فإنه قاتلٌ مباشر مختار، لا يتعلّق به في القتل بغير حق حكم، والكفارة من أسرع أمرٍ يثبت في القتل، ولا كفارة على الجلاّد.
ثم ينشأ من هذا أن الإمام إذا ظلم، وأمر بالقتل من غير إكراه، فالقصاص واجب عليه، فإنا إذا أقمنا الجلاد سيفاً، فالإمام في حكم الضارب به، ويترتب على هذا الأصل أن الجلاد ليس عليه بحث، وإنما عليه انتظار المراسم والابتدار إليها؛ إذ لو تعيّن عليه ذلك، لما تولى الأمرَ إلا ذو نظر. وذلك يطول. ثم ما ذكرناه في الإمام الحق.
فإن فرض متغلبٌ في الدهر، وشغورُ الزمان عن الإمام، فالقول في ذلك يطول، وقد نرى تعليق الأحكام بالمتغلّب، وهذا عمرةُ (?) أحكام الإيالة، وقد فرّعنا أبوابها في الكتاب المترجم (بالغياثي).
11221 - ولو علم الجلادُ أن القتل ظلم إجماعاً، وهو مختار، فإذا قتل، التزم القصاص، فإنه إنما يؤجر بالامتثال فيما يعلم كونَه حقاً، أو فيما يعتقده حقاً، وهو يتبع فيه رأي الإمام تقليداً، فأما إذا علم أن القتل ظلم، فلا يحل له الإقدام، ولا إكراهَ حتى يُخرَّجَ فعلُه على تردّد العلماء، وإذا كان كذلك، فلا ضمان على الآمر؛ فإن أمره حيث صوّرنا ليس إجباراً، والمباشرة تامة، فلا أثر للسبب معها.
ولو قتل الجلاّدُ رجلاً، ثم قال: كنت أعتقد تحريم قتله، ولكني قلتُ: لعل الإمامَ اعتقد تحليله على رأي بعض العلماء، وتصوير ذلك أن حُرّاً لو قتل عبداً، فقتله الجلاّد بأمر الإمام، وهو يعتقد أن الحرّ لا يقتل بالعبد، والإمام كان يرى وجوب