وأما أيامُ النقاء، فهي مأمورة بالاحتياط فيها، والزوج يجتنبها؛ فإن التفريع على ترك التلفيق، ولا يمر بها يوم في النقاء إلا ويُحتمل أن يكون ذلك النقاء حيضاً محتوشاً بحيضين، ولكنا لا نأمرها في أيام النقاء بالاغتسال؛ فإنها إن كانت حائضاً حكماً، فالغسل إنما يجب عند احتمال انقطاع الحيض، وهذا التقدير محال في زمان النقاء قطعاً، وكما لا نأمرها بالاغتسال في أيام النقاء لا نأمرها بتجديد الوضوء؛ فإن الوضوء إنما يؤمر بتجديده عند تجدّد صورة الحدث، وهذا المعنى مفقودٌ قطعاًً في زمان النقاء. نعم، نأمرها بالاغتسال في أثر انقضاء كل نوبة من نُوَب الدم. ثم يكفي ذلك إلى عود الدم.
ومن دقيق ما ينبغي أن يُتفطَّن له أنه كلّما عاودَ الدمُ، فلا تُؤمر بالاغتسال مع اللحظة [الأولى؛ فإن الانقطاع إنما يدخل أوان احتماله بعد اللحظة الأولى، من عود الدم، واللحظة] (?) الواحدة لا يحيط بها فهم، ولا ينتهي إليها تنصيصُ فكرٍ، ولكن يجري حكمُها في العقل، وتستمر العبارة عنها. فهذا إن فرّعنا على ترك التلفيق.
621 - فأما إذا قلنا بالتلفيق، فالذي نزيده أنها طاهرة في أيام النقاء والزوج يغشاها، ولا يخفى حكم الطهر في حقها، ولا تتوضأ لكل صلاة؛ فإن الحدث ليس متجدداً، وأما إمكان الانقطاع في زمان استمرار الدّم، فجارِ، والأمر بالغسل مترتب عليه.
وإن عنَّت صورةٌ يختلف الحكم فيها في التفريع على وجهٍ ضعيف، لم يخفَ درْكُها على الفَطِن المنتهي إلى هذا الموضع، مثل أن نفرعّ على أنّ الشرط ألا ينقص الدم في كل نوبةٍ عن يوم وليلة. وهذا على قول التلفيق في نهاية الضعف، ولكن قد يلتزم الفطن التفريعَ على الضعيف للمرون والدُّرْبة في الكلام على الدقائق، فعلى هذا، مهما عاد دمٌ لا نأمرها بالاغتسال، ما لم يمضِ من زمان الدم يومٌ وليلة، ثم نطرد الأمرَ بالغُسل إن تمادت نوبةُ الدم.
622 - وقد جرى رسم الخائضين في هذا الكتاب بذكر الخلط والضلال مع تقطّع