بمثابة دمٍ دامَ على لون واحد. ولا نظر إلى لون الدم على هذا الوجه.
وما ذكرناه فيه إذا انقطع الدم القوي والضعيف على المدّة في الخمسةَ عشرَ. فأما إذا جرى ذلك دائماً في جميع الأيام، فكانت ترى يوماًً سواداً ويوماًً شُقرةً أبداً، فهي فاقدة لأركان التمييز.
فإن قيل: كان دورها ثلاثين، وهي الآن لا ترى في الثلاثين إلا خمسةَ عشرَ سواداً، وهذا المبلغ غيرُ زائدٍ على الخمسةَ عشرَ، قلنا: وإن كان كذلك، وفرّعنا على التلفيق، فهي فاقدة لأركان التمييز؛ فإن الحيض حقُّه أن ينحصر في الخمسةَ عشرَ، ولا يسوغ انبساطه على أكثرَ من هذه المدة. وهذا يؤكد القول بترك التلفيق، فإن القائل بالتلفيق يجوّز تقطّع الطهر على الحيض، ويمنع تقطع الحيض على الطهر في أكثر من خمسةَ عشرَ يوماًً. وهذا تصريحٌ باختلاف حكم الحيض والطهر، ولا يتضح بينهما فرقٌ معنوي، فلئن جاز عَوْدُ الحيض قبلَ تمامِ الطهر، فما المانع من بسط خمسةَ عشرَ يوماًً حيضاًً على خمسة عشر يوماًً طهراً؟ فإذاً تبين من وفاق الأصحاب أنها فاقدةٌ للتميز.
فإن كانت معتادة، رُدَّت إلى العادة، وجعل كأنّ الدماء على لونٍ واحد مطبق، ولا التفات إلى اختلاف ألوان الدماء؛ فإنه إذا بطل التمييز، لم يكن للون الدم حكمٌ.
فافهم.
وإن لم تكن معتادة، فهي مبتدأة، ولا تلفيق، ولا اعتبار بتفاوت ألوان الدماء، وحكم لون الدم مرفوعٌ بالكلية. وهذا واضحٌ ولا إشكال فيه.
620 - ونحن نذكر الآن تقطع الدم والنقاء على المتحيرة التي لا تذكر شيئاًً من أمرها، ثم نذكر موجَب التقطع مع أبوابها في الخلط، والضلال.
فإذا كانت ترى يوماًً دماًً، ويوماً نقاءً، واستمر ذلك بها، وكانت لا تذكر شيئاً، فنفرّع حكمَها على قولي التلفيق، فإن حكمنا بترك التلفيق، والتفريعُ على قول الاحتياط، فحكمها في زمان الدم ما تقدّم في قضايا الاحتياط، فتغتسل لكل فريضة، لاحتمال انقطاع الدم في كل لحظة، وانقلابها إلى دم الفساد، وتصوم، ويجتنبها زوجها كما مضى حكمها في أثناء الكتاب.