والذي نذكره هاهنا في ذلك التفصيل فيما يحل بسبب الإكراه، وفيما يبقى على الحظر: أما القتل، فإنه يبقى محظوراً، ولا يؤثر الإكراه في إباحته.
وأما الإكراه على الزنا، ففي أصحابنا من يقول: لا يتصور الإكراه عليه، وقد ذهب إلى ذلك بعض أصحاب أبي حنيفة، وهذا مما قدمناه [في ثنايا] (?) الإيلاء والظهار، ووجهه -على بعده- أن الزاني منتشر، ولا يتأتى الانتشار إلا مع [نشطةٍ] (2) في النفس [وانبساط] (?) في الشهوة، وهذا ينافي الإكراه.
والأصح أن الإكراه متصوّر فيه؛ فإن الانتشار لا اختيار فيه، والزنا هو الإيلاج، والإكراه عليه ممكن.
ثم إن تُصوِّر الإكراه، فلا يحل، بل الحظر فيه قائم؛ فإن فيه اهتتاك الحرمة الكبرى.
والإكراه على شرب الخمر يقتضي وجوبَ الشرب عندي؛ إذ من غُص بلقمة، ولم يجد إلا خمراً يُسيغها، فيجب استعمال الشراب لذلك، فالإكراه بهذه المثابة. والله أعلم.
فأما الإكراه على كلمة الردة؛ فإنه يبيح النطق بها، بنص القرآن، قال تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَان} [النحل: 106] ثم في الفقهاء من يقول: يجب التلفظ بالردة لتخليص المهجة، والذي ذهب إليه الأصوليون من أئمتنا أن المكرَه [عليه] (?) أن يصابر الحقَّ والسيفُ مسلول على رأسه، وهذا هو الذي لا يجوز عندي غيره، وإذا كانت النفوس تُعرَّض للقتل [في] (?) الجهاد، والذب عن الدين، فكيف يجب النطق بالردة، وما المانع من مصابرة الدين وإظهار [الثبات] (?) وبذل الروح دونه.