ممكنة، والملقَى يحسنها، ورأينا [من يتركها] (?) مُهدَراً، فلو اتفق أنه كما (?) لاقى الماء، التقمه الحوت، أو قطّعه وأهلكه، فهذا من أصول الباب، ونحن نقدم عليه أنه لو ألقاه في غَمْرة (?) من الماء [وكما] (?) أصاب الماء، التقمه الحوت، فالمنصوص للشافعي أن القصاص يجب على الملقي، وخرّج الربيع قولاً آخر: أن القصاص لا يجب، وشبه هذا بما لو ألقى رجل رجلاً من شاهق جبل، فلما انتهى الملقَى إلى قرب الحضيض وافاه رجلٌ وسيفه مسلول، فقدّه، أو ضرب رقبته، فلا يجب على الملقي القود. وهذا من تخريجات الربيع، ولم يرتضه معظم الأصحاب.
ونحن نوجه القولين وننبه [مع] (?) التوجيه على أصلٍ في المذهب: أما وجه القول المُخَرَّج فما أشرنا إليه، ووجه القول المنصوص الصحيح أن الإلقاء في الماء إهلاك، والملقَى هالك، سواء فرض ثَمّ [حوتٌ] (?) أو لم يفرض، ولو [لم يتم] (?) إلقاؤه، لما انتهى إلى الحوت، فالمرعي أنه ألقاه في هَلَكَة، فلا ننظر إلى السبب الذي به هلك.
ولا يتم التوجيه ما لم يُقيَّدُ الكلامُ بأن السبب الذي جرى الهلاك به لا يُنْسب إليه اختيار، وبهذا رفع الاتصال عن الذي [يقدّ] (?) الملقَى من الجبل؛ فإنه فاعل مختار، لا يفعل ما يفعله بطباعه، وإنما يفعل بإرادته ومشيئته، وإذا فرض قاتل مختار، انقطع ما كان من السبب قبله، لا فرق بين أن يكون الواقف [القادّ] (?) ممن يضمن، وبين أن يكون ممن لا يضمن، كالحربي؛ فإن التعويل على الاختيار، وصَدَرُ القتل عن المشيئة دون الطباع.