والتعويلُ على ظاهر المذهب.
ولو أقام المدعي شاهداً واحداً، وهو مُشمّرٌ لإقامة شاهدٍ آخر، وطلب من الوالي حبسَ المشهودِ عليه إلى قيام الشاهد الثاني، ففي المسألة وجهان - وفي نص الشافعي تردد- نشير إليهما: أحدهما - أنه لا يحبس؛ لأن الشاهد الواحد ليس بحجة، وليس كالشاهدين إذا جهل القاضي حالَهما؛ فإن العدالة إذا بانت، تبين لظهورها قيامُ الحجة مستنداً إلى وقت الشهادة، لكن علم القاضي لم يكن محيطاً بحقيقة البيّنة، والحبس في الأمر القريب لائقٌ بمسالك السياسة صيانةً للحقوق عن البطلان، وإذا استُعدي الوالي على شخص، فالارتفاع إلى مجلسه قد يُتْعِبُه، وذلك قبل ثبوت الحق، ولكن لا بد من احتمال ذلك، فلا تقوم الإيالة دونه.
والوجه الثاني - أنه يُحبس، لأن الخَصْم ساعٍ في إكمال البينة، وقد لا يتفق حضور الشاهدين معاً، ولو خلَّينا المدَّعى عليه، لولّى، وغيّب وجهه عنا، ثم إن لم يأت المدعي بالشاهد في الزمان الذي يتوقع في مثله إكمال البينة، خلّينا سبيل المدعى عليه.
وهذا الفصل من أركان البينات والدعاوى، والوجهُ تأخيره إلى موضعه، ولكن التزام الجريان على ترتيب السواد قد يقتضي مرامزَ إلى مقدماتٍ، ولا ينبغي للناظر المنتهي إلى ما يُذكرُ بحق (?) السواد أن يطلب تحقيقَ الفصل منه، فهذا مما يحال على كتاب الدعاوى والبينات.
9730 - ومما نرمز إليه لانتظام الكلام أن من ادعى دَيْناً على إنسان، وأقام شاهدين وأقبل القاضي على البحث ومراجعة المزكِّين، فالمذهب أن المدّعى عليه يحبس كما إذا كان المدَّعى حدّاً: قذفاً أو قصاصاً؛ فإنا إذا رأينا الحبسَ تفريعاً على الأصح في العقوبات، وشأْنُها الاندراءُ بالشبهات، فهذا في الأموال أولى.
[وقال] (?) الإصطخري: لا يحبس المدعى عليه في المال، وإن رأينا الحبس في