وذكر بعض أصحابنا وجهاً آخر أن الحد لا يجب على القاذف؛ فإنها حُدّت في الزنا، فإذا وقع الحد بها، فلا نظر إلى خصوص الحجة، فيبعد إقامة حد [القذف] (?) والمقذوفة محدودة في الزنا. هذا إذا وقعت النسبة إلى زناً غيرِ ما حُدت فيه.
فأما إذا قذفها الأجنبي بالزنا الذي حُدَّت فيه للِعانه وامتناعِها، ففي وجوب الحد عليه وجهان مرتبان على الوجهين فيه إذا نسبها إلى زنية أخرى غيرِ الذي حُدت فيه، وحد القذف أولى بالاندفاع في هذه الصورة.
هذا ما ذكره الأئمة.
وقطع القاضي بأن الأجنبي يستوجب حدّ القذف إذا نسبها إلى غير ما حُدت فيه وجهاً واحداً. وإن نسبها إلى ما حُدت فيه وجهان: أظهرهما - وجوب الحد، وعلل هذا بتحقيق اختصاص اللعان وأثره.
فهذا تفصيل القول في قذف الزوج والأجنبي بعد جريان اللعان.
فصل
قال: " ولو شُهد عليه أنه قذفها ... إلى آخره " (?).
9729 - فإذا ادعى محصنٌ على رجل أنه قذفه، فأنكر، وأقام المدعي شاهدين، فإن كانا عدلين، ابتدر القاضي تنفيذ الحكم، وأسعفَ الطالبَ بقامة الحد، وإن كان ظاهرهما السداد، ولكن القاضي كان جاهلاً بحقيقة الحال، فإنه يبحث عن أحوالهما ويراجع المزكِّين. قال الشافعي: " ويحبس المدعَى عليه إلى أن تبين عدالةُ الشاهدين أو جرحهما " وهذا هو الذي قطع به أئمة المذهب.
ووجدت في بعض الطرق رمزاً إلى أن المدعَى عليه لا يُحبس، وسيأتي ذكره في كتاب الدعاوى، إن شاء الله، ووجهُه على بعده أن الحق لا يتوجه إلا بظهور العدالة، والحبسُ في الحال إقامةُ عقوبة.