فإن قال: زنيتَ اليومَ، وكان تقدم منه الزنا منذ سنين، فهذا موضع النظر، فالقاضي قاطع بأن الحد لا يلزم.
ويظهر عندنا الحكمُ بلزوم الحد، [إذا ظهرت] (?) التوبةُ وقُبلت الشهادة، قَبْل الزنا المذكور في صيغة القذف، وإذا كنا نذكر قولاً في الزنا بعد القذف، فهذا يهوّن أمر ارتفاع حكم الزنا السابق بالعفة اللاحقة.
وكان شيخي يقول مفرعاً على أن الزنا بعد القذف يُسقط الحد: هذا دليل على أن [مقدمات] (?) الزنا إذا ظهرت، قدحت من العفة، ووجهُ الاستدلال أن الزنا المتأخر لا يدل على زناً آخر مقترنٍ بالقذف أو متقدم عليه، وإنما يدل على أن الزنا لم يقع فجأة، وإنما تقدمت عليه مقدمات.
وهذا ظنٌّ لا تعويل عليه، ولم يصر أحد من الأصحاب إليه، ولكن الزنا يُسقط العفة، ويبين أن الرجل عديمُ العِرض، وإن لم تسبق منه مراودة، فهذا ما يجب تنزيل المذهب عليه.
9724 - وقد حان الآن أن نتكلم في جهات الوطء وما يؤثر منها في العفة وما لا يؤثر.
والوجه أن نرسُمَ مسائلَ نأتي بها أرسالاً، ثم نذكر بعد نجازها ضوابطَ، فنقول: أما الزنا الذي يوجب الحد، فلا شك أنه يخرِم العفةَ ويُبطلها، ولو وطىء أخته من الرضاعة أو النسب في ملك اليمين، فإن قضينا بأن الحد يجب، وهو أحد القولين، فتبطل العفة لا محالة، وإن قلنا: لا يجب الحد [لشبهة] (?) الملك، ففي سقوط العفة وانهتاك العرض وجهان: أحدهما - أن العفة لا تسقط، فإن المرعيّ العفةُ من الزنا، وهذا الذي صدر منه ليس من الزنا.
والوجه الثاني - أن العفة تسقط؛ فإن من وطىء أختَه على علمٍ بالمحرّم، تبين أنه