فرأيتُ للشيخ أبي علي في شرح التلخيص أن هذا قولُ الشافعي في القديم، فانتظم إذاً قولان: أحدهما - وهو الصحيح المنصوص عليه في الجديد أن الحد يسقط، ولا فرق بين أن يقرب الزمان المتخلل بين القذف والزنا [وبين] (?) أن يبعُدَ ويَتَمادَى.
وفي المسألة قولٌ آخر -على ما حكاه الشيخُ، وهو منسوبٌ إلى القديم- أن الحد لا يسقط.
9723 - [ولا] (?) خلاف أن المقذوف إذا ارتد، لم يسقط الحد عن قاذفه بردّته، وفي الفرق بين الردة وبين الزنا عُسرٌ؛ فإن الزنا إن دلّ على إضمار خبث فيما سبق، حيث إنه لا يتفق الهجوم على الزنا من غير إضمار [ذلك] (?) فيما تقدّم، فكذلك الردة، لا يُظهرها المرء إلا وقد سبقت منه ترددات.
فمما قيل في الفرق أن الردة لا تصدِّق القاذف في معنى القذف، والزنا يصدقه في معنى القذف على الجملة، وهذا يؤول إلى أن أصل العِرض يُتلقى من عدم الزنا، وباقي الصفات تكميل للعِرض.
ثم قال القاضي: الزنا المتقدم على القذف يؤثر في إسقاط الحد، وكذلك الزنا المتأخر، ولو ارتد الرجل، أو كان كافراً أصلياً، ثم أسلم، وقُذف، وجب الحد على قاذفه، فلما افترق الكفر والزنا إذا تقدما، فلا يمتنع أن يفترقا إذا تأخرا.
هذا كلامُ القاضي وتصرفُه.
وفي النفس شيء من الزنا المتقدم، وقد ذكرنا صدراً صالحاً فيه، ونحن نزيده إيضاحاًً وتفصيلاً، فنقول: إذا سبق الزنا، فقال القاذف: قد زنيتَ، وصرح بما سبق منه، فلا شك أنه ليس بقاذف، وإن قال: زنيتَ مطلقاً وتردّد لفظه، فالوجه القطع بأن الحد لا يتوجه عليه أيضاًً.