بالرق والحرية، فالاعتبار فيه بحالة الوجوب كالحدود، والمعنى أنه إذا ثبت موجِب الكفارة، وجب القضاء بوجوب الكفارة، فإن الموجَب لا يستأخر عن الموجِب، وإذا قضينا بوجوب العتق، استحال الخروج عن الكفارة إلا به.

ومن قال بالقول الثاني احتج بأن الاعتبار في العبادات بوقت أدائها، قياساً على الصلاة؛ فإن من فاتته صلاة في حالة عجزه عن القيام، ثم أراد إقامتها في وقت القدرة، فإنه يقيمها قائماً، ولو كان الأمر على العكس، أقام الصلاة عاجزاً قاعداً، وإن كان التزمها قادراً على القيام.

قال القاضي: القولان مأخوذان من أن المغلَّب في الكفارة العبادةُ أو جهةُ العقوبة: فإن غلبنا جهةَ العبادة، شبهناها بالصلاة، فاقتضى ذلك اعتبارَ حالة الأداء، وإن غلبنا شَبَهَ العقوبات، اعتبرنا حالة الوجوب.

وهذا فيه نظر مع إيجابنا الكفارة على من لا نُؤثِّمُه، وقَطْعِنا بانقطاع العقوبة عمن هو في مثل حاله.

واعتبارُ الأغلظ والأشد ينزع إلى رعاية الاحتياط.

التفريع على الأقوال:

9604 - إن قلنا: الاعتبار بحالة الوجوب، فلو كان معسراً في تلك الحالة، كفاه الصوم، ولو أيسر وأراد أن يعتق، فالذي ذهب إليه الأصحاب أن له أن يعتق؛ فإن العتق هو الأصل، وهو في الرتبة العليا، والصوم دونه، فإن كان يُجزىء الأدنى فلأن يجزىء الأعلى أولى. وذكر صاحب التقريب في ذلك وجهين: أحدهما - ما ذكرناه، وهو الرأي.

والثاني - لا يجزئه إلا الصوم؛ فإنه تعيّن في ذمته، وهذا وإن كان بعيداً في الحكاية، فإنه [يقوى بالمعنى] (?) الذي أشرت إليه في صدر الباب، من أن المبدل والأبدال ليست متفاوتة في الرتب، وإنما قُدِّم بعضُها وأُخِّر وفاقاً تعبداً، فإذا وقع الحكم بالوجوب، فلا [معدل] (?) عن الواجب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015