وقال أبو حنيفة (?): إذا انكسر الشهر الأول، بطل اعتبار الأهلة بالكلية، واعتلّ بأَنْ قال: لو كملنا نقص الشهر الأول بأيام من الشهر الثالث، لكان ذلك مناقضاً لقاعدة التتابع، ولأدّى إلى تخلل الشهرِ بَيْنَ كسرِ الشهر الأول وتكملته في الشهر الثالث.

وهذا لا بأس به، وقد مال إليه بعض الأصحاب، وقد سبق منّا رمزٌ إليه في تعليق الطلاق بمضي الأشهر، والمذهب ما قدمناه، وهو النص، ولا اعتداد بما سواه.

9602 - ثم قال: "ولو نوى صوم يوم فأُغمي عليه ... إلى آخره" (?).

أشار إلى الإغماء وحكمه، وقد سبق على أبلغ وجهٍ في البيان في كتاب الصوم، والذي يتعلق بهذا الكتاب أنه إذا حصل الفطر بعذر الإغماء، فهو كحصوله بسائر أنواع المعاذير، وفي انقطاع التتابع قولان، كما قدمناه.

فصل

قال: "وإنما حكمه في الكفارات حين يكفر ... إلى آخره" (?).

9603 - اختلف قول الشافعي في الحالة المعتبرة في صفة الكفارة المرتَّبة، فقال في قولٍ: الاعتبار بحالة الوجوب، فإن كان موسراً، كانت كفارته كفارة الموسرين، وإن أعسر من بعدُ، لم يجزه الصوم، وصار العتق دَيْناً في ذمته إلى أن يجد وفاءً به.

والقول الثاني - أن الاعتبار بحالة الأداء والإقدام على التكفير، فلو كان موسراً حالة الوجوب فأعسر، وأراد التكفير، فله أن يصوم؛ نظراً إلى حالة الأداء.

وفي المسألة قول ثالث أنا نراعي أغلظ الطرفين وأشدَّهما، فإن كان موسراً يوم الوجوب، ففرضه الإعتاق، وإن كان مُعسراً يوم الوجوب، وكان موسراً حالة الهم بالأداء، لم يُجْزه إلا الإعتاق.

توجيه الأقوال: من قال: الاعتبار بحالة الوجوب، قال: نوع تكفير يختلف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015