ومما نُلحقه بما ذكرناه أن زكاة الفطر لم يُرْعَ فيها إلا ما يفضل من القوت، كما مضى مفصلاً في صدقة الفطر، وقد نُحوج إلى الفرق بين صدقة الفطر وبين ترتب البدل على المُبدَل في الكفارة، ويتجه أن نقول: صدقة الفطر قريبة المأخذ (?)، قليلة المقدار، سهلة المحتمل، فلم يبعد [نزعها] (?) إلى الوجوب، وهي تجب أيضاًً على الفور، وهذا يؤكدها ويوضح الفرق بينها وبين الكفارة، وهي أيضاًً شديدة الشبه بالنفقات، ولهذا تتبعها.

9596 - وقد نجز الغرض في هذا المقام، وبقي ما أبديناه إشكالاً في أول المسألة؛ إذ نبهنا على الظاهر، وما فيه من الإشكال.

والممكنُ في دفع ذلك -والله أعلم- الالتفاتُ إلى ما يحِل محلَّ الإجماع: فإن (?) الذين كفَّروا بالصيام كانوا أصحاب مساكن يأوون إليها، وهم يصومون عن الكفارة، ومن ادّعى أن أحداً لم يصم في كفارة إلا وهو خليٌّ عن ملك المسكن، فقد ادعى بعيداً.

وأيضاًً، فإن البدل والمبدل في الكفارات وجدناهما في مراتب الشرع قريبين، ولعل صوم الشهرين أوْقع من إعتاق عبد على أقل المراتب، سيّما في حق أصحاب النعم، وإذا كانت لا تتفاوت، فالترتب (?) فيها يجب أن يُقرَّبَ أمرُه، وليس كترتب التيمم في الوضوء، فإن الوضوء يرفع الحدث، ويفيد النظافة، ولا معنىً للتيمم يقرُب دَرْكه بالعقل إلاّ استدامةُ تمرين النفس، فكان التيمم في حقّ الترك للوضوء (?)، وفي الكفاراتِ يفيد كلُّ بدلٍ عينَ (?) ما يفيده المبدلُ، فلا يبعد أن يَقْرُبَ الأمر في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015