نصفه، فلو كان في يد الرجل من المال ما يستقلّ به، ولو أُخذ بعضُه، [لاسْتحق] (?) بالمسكنة، وصار بحيث يجوز صرف سهم المساكين إليه، فالذي يقتضيه قياس الأصحاب أنا لا نُلزمه هذا؛ فإن الانتقال من الاستقلال إلى اختلال (?) الحال حتى يصير بحيث لا يفي دخلُه بخرْجه عظيمُ الوقع، وهو لا محالةَ فوق ترك المروءة ومخالفةِ المنصب، مع العلم بأن معظم ما يعدّه الناس من المروءات هو عند ذوي الألباب من رعونات الأنفس.
وكذلك لو كان مسكيناً، فلا نكلفه أن يشتري عبداً؛ فإنه يناله بما يخرجه ضررٌ بيّن، وهو أوقع من الانتقال [من] (?) الاستقلال إلى أول حدّ المسكنة. هذا هو الذي تحققناه نقلاً واستنباطاً من قول الأصحاب.
ومما ذكره (?) أنه لو كان له مال غائب، [فأراد الانتقال] (?) إلى الصوم في الكفارة المرتبة، لم يكن له ذلك، وليس كالمسافر لا يصحبه من المال ما يشتري به ماءَ الوضوء، وكان له مال في الغيبة، فالوجه أن يتيمم، فإن الصلاة لا تقبل التأخير، وماله في الغيبة لا يُغني عنه شيئاً، وهذا لا يتحقق في الكفارة؛ فإنها تقبل التأخير، وليس وجوبُها على الفور.
قال العراقيون: لو كانت المسألة مفروضة في كفارة الظهار، فلا يكاد يخفى أن تحليله زوجته يتوقف على التكفير؛ فإذا كان ماله غائباً، ولم يجد من يقرضه، فلو كلفناه أن يؤخر التكفير، لاستمرّ التحريم، فماذا يصنع والحالة هذه؟ فعلى وجهين ذكروهما: أحدهما - أنه يؤخر؛ طرداً للقياس.
والثاني - أنه ينتقل إلى الصيام، فإن الضرر قد يظهر عليه بترك الغِشيان، وقد يخاف الوقوع في الوقاع قبل التكفير.