ولو قال: أمسكتك، واقتصر على ذلك، ففيه وجهان: أحدهما - أنه صريح في الرجعة، وهذا القائل يتمسك بورود لفظ الإمساك في القرآن [دالاً] (?) على إرادة الرجعة.
ومن أصحابنا من قال: ليس لفظ الإمساك صريحاً في الرجعة.
ثم اختلف المفرّعون على هذا الوجه، فذهب الشيخ والقاضي إلى أن قوله:
أمسكتك وإن لم يكن صريحاً في الرجعة، فهو كناية فيها، فإذا نوى الرجعة، صحت باللفظ والنية.
وذكر العراقيون وجهاً آخر أن الإمساك لا يصلح للرجعة، وإن اقترنت النية بها (?)؛ لأن الإمساك معناه الاستدامة والاستصحاب، والرجعةُ ابتداء استحلال، فلا تحصل بما ليس فيه معنى الابتداء.
فتحصّل من مجموع ما ذكره الأصحاب ثلاثة أوجه في لفظ الإمساك: أحدها - أنه صريح في الرجعة.
والثاني - أنه كناية مفتقرة إلى النية.
والثالث - أنه غير صالح للرجعة مع النية أيضاًً.
9341 - ومما اختلف الأصحاب فيه الرجعةُ بلفظ النكاح والتزويج، فمن أصحابنا
من قال: تحصل الرجعة به؛ فإن اللفظ إذا كان صالحاً لابتداء العقد، وإثبات الاستحقاق؛ فلأن يصلح لتدارك ما وقع من الخرم أولى.
ومن أصحابنا من قال: لا تحصل الرجعة بلفظ التزويج والنكاح؛ فإن النكاح للابتداء وليس فيه إشعار بالتدارك.
وهذا الخلاف قرّبه الأصحاب من الخلاف إذا قال المُكري: بعتك منافع هذه الدار سنة، ففي انعقاد الإجارة بلفظ البيع وجهان، ووجهُ التقريب أن البيع موضوع لتمليك الرقبة، والإجارةُ موضوعةٌ لاستحقاق المنفعة، فتباعد المقتضيان.