فصل

قال: "ولمّا لم يكن نكاح ولا طلاق إلا بكلام، فلا تكون رجعةٌ إلا بكلام ... إلى آخره" (?).

9340 - قصد الشافعي الرد على أبي حنيفة (?) في مصيره إلى أن الوطء رجعة، وأوضح من مذهبه أن الرجعة لا تحصل إلا بالكلام، وعند أبي حنيفةَ الوطءُ واللمسُ بالشهوة، والنظرُ إلى الفرج بالشهوة يُحصّل الرجعة، سواء جرى على قصدٍ إلى الرجعة أو لم يقصد الزوج الرجعةَ. وعن مالك (?) أن الوطء يكون رجعةً إذا قصد الزوج به الرجعةَ.

فإذا تبين أن الرجعة لا تحصل إلا بلفظ أو إشارة من الأخرس قائمةٍ مقام اللفظ؛ فإن إشاراتِ الأخرس تقوم مقام ألفاظ الناطقين، فالكلام بعد ذلك في العبارات: فإذا قال الزوج: رددتك إليّ، فهذا صريح في الرجعة، وقد قال تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة:228] ولو قال: "رددتك"، ولم يقل: "إليّ" فهل يكون ذلك صريحاً في الرجعة أم لا؟ ذكر الشيخ أبو علي والقاضي وغيرُهما وجهين.

ولو قال: راجعتك، كفى ذلك من غير صلةٍ؛ فإن هذه اللفظة مُجراةٌ في الاستعمال من غير صلة، وسبب التردد في قوله: "رددتك" أن مُطلِقه من غير صلةٍ بقوله: "إليّ" قد يُفهم منه الرد الذي هو نقيض القبول، وهذا المعنى لا يتحقق في قوله: "راجعتك" وارتجعتك. ولو قال: رَجعْتُك، فهذا مما يستعمل لازماً ومتعدياً، تقول: رجعت رجوعاً ورجعتُ المالَ من زيد رجعاً، فإذا قال: رجعتك، فقد عدى إلى الضمير، وهو الكاف، فالوجه تنزيله منزلة قوله: ارتجعتك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015