لمات ذلك المريض، ولو انتقل منه، لهلك من ينتقل إليه، فالذي اخترناه أن هذه واقعة لا نُثبت فيها حكماً بنفيٍ ولا إثبات، فإنا كيف نفرض الأمر نقع في تجويز قتلٍ محظور، وإهلاكِ ذي روح محترم. والمصيرُ إلى إخلاء واقعةٍ خطيرة عن حكم الله تعالى في الشرع ليس بالهيِّن.
فليس يبعد عندنا أن يقال بنفي الحرج عنه فيما يفعل، وهذا حكمٌ. ولا يبعد أيضاًً أن يقال: انتقالك ابتداءً فعلٌ منك، واستقرارك في حكم استدامة ما وقع من سقوطك ضرورياً، وقد يتجه ذلك بأن الانتقال إنما يجب في مثل ذلك إذا كان ممكناً، ولو امتنع، فإيجابه محال، والممتنع شرعاً كالممتنع حِسَّاً وطبعاً، ولئن عظم وقع الكلام فيما يتعلق بالدماء، فالتخيير ليس بدعاً في الأموال، وما يتعلق بجزاء الصيد؛ فإنا قد نبيح الصيدَ للمحرم، وقد نبيح للإنسان مالَ غيره.
ولو وقع بين أوانٍ فلابد من انكسار بعضها، أقام أو انتقل، فيتعين في هذه الصورة القول بالتخيير.
فرع:
8587 - يتعلق بضمان الأب مهر زوجة الابن.
وهذا قد أجريته فيما تمهد من الأصول، ولكن رأيت للشيخ تصرفاً فلم أجد بداً من الإعادة، وإن مست الحاجة إلى تكرير، فلا مبالاة به.
المنصوص للشافعي في الجديد: أن الأب إذا قبل لابنه الصغير نكاح امرأة، فلا يصير ضامناً للمهر بنفس النكاح، فإن ضمنه، صار ضامناً، كما يضمن سائر الديون اللازمة، فيلتزمها، ثم إذا ضمن وغرم، فهل يرجع بما غرم؟
قال الشيخ: إنْ قَيَّد ضمانَه بشرط الرجوع، ولَفَظَ ذلك صريحاً، فيملك الرجوع إذا غرم. وإن لم يشترط الرجوع، لم يضمن. واكتفى بعض المحققين بقصد الرجوع منه والنيةِ من غير لفظ، وهذا المسلك أفقه وأليق؛ وقد ذهب كثير من أصحابنا إلى أنه يُكتفى بأحد شِقَّي البيع، فإذا كان يسقط التلفظ بأحد شِقَّي العقد، لم يبعد أن يسقط التلفظ بشرط الرجوع. ويمكن أن يُبنى ما ذكر الشيخ من اشتراط اللفظ وما اكتفى به غيره من النية والقصد؛ على الاختلاف الذي قدمناه في أنَّا هل نكتفي بأحد شِقَّي العقد أم لا؟ هذا تفريع على القول الجديد.