وقد مضى معظم ذلك في كتاب الحج.
8585 - ثم يتصل بذلك أنه إذا طلقها قبل المسيس وقلنا: يرتد إليه نصف الصيد، فموجب ذلك أن يتعين الإرسال عليه، ولكن إرساله عَسِرٌ؛ إذ ليس جميع الصيد عائداً إلى المُحرم، وإرسالُ البعض غيرُ ممكن. فإن لم يرسله حتى تلف في يده- والإحرام مستدام بعدُ؛ يضمن نصف الجزاء، وإن أرسله، فقد برىء عن الجزاء عند تقدير التلف، ولكنه يغرَم نصف القيمة للمالك (?)، وهو الذي ورّط نفسه في هذا التضييق.
ويتعارض في هذه المسألة أمران متناقضان؛ فإنَّا لو قلنا: يجوز إرسال الصيد، كان ذلك تسليطاً على تفويت ملك الغير، وإن قلنا: ليس له إرساله، كان ذلك إذناً للمحرم في إمساك الصيد، والجمع بين الأمرين مستحيل.
ولو قال قائل: أوجبوا الإرسال، وضمِّنوه قيمة نصيب الشريك، وقد يجوز إخراج مال الغير في مظان الضرورات ومسيس الحاجات.
هذا خرَّجه بعض الحذاق على الاختلاف المعروف في أنه إذا اجتمع حقّ الله تعالى وحق الآدمي في أمرٍ مالي، فكيف الوجه فيه؟ فمن رأى تقديم حق الله تعالى، لم يُبعد أن يوجب الإرسالَ في هذه الصورة والتغريمَ.
ومن رأى تقديم حق الآدمي لم يُبعد أن يحرِّم الإرسال ويُلزمه إدامةَ اليد إلى الرد فيكون هذا صيداً يجب على المُحْرِم إمساكه.
ومن لم ير تقديمَ حق الله تعالى ولا تقديم حق الآدمي، فليس ينقدح على هذا إلاَّ أن يتخير في الإمساك والإرسال، فإن أرسل عُزِّر وغُرِّم، وإن أمسك عُزِّر، وإذا أتلف، لزمه الجزاء.
8586 - وقد تَعْرِض عند ذلك مسألة أجريناها في الأصول (?)، وهي: أنه لو اتفق وقوع إنسان على صدرِ مريضٍ بين مرضى، وعلم أنه لو استقر على من وقع عليه،