تفصيل، ولا ننظر إلى العبارة ما اشتملت عليه، وذلك لأنَّ الخنزير لا يقبل التقويم، وكذلك الخمر، فلو قوّمناهما، لاستحال، ولو قدرناهما نعجة وعصيراً، كان هذا [تقريراً] (?) لتقدير الصفة الخِلْقية، وليس كالرق نقدره في الحر؛ فإنه حكم، والتقدير أن يحتمل تقدير الحكم، فأما أن يبنى على تغيير الخلق، فهذا لا سبيل إليه، فصار تعذر التقويم في الخمر والخنزير بمثابة [تعذر] (?) التقويم في المجهول، ولا خلاف أنَّ من أصدق امرأته مجهولاً، فالرجوع إلى مهر المثل.
8387 - وذهب القاضي والصيدلاني إلى إجراء القولين في الخمر والخنزير، ثم بنى هؤلاء مسلكهم على العبارة؛ فقالوا: إذا قال: " أصدقتكِ العصير "، وهو من ذوات الأمثال، فخرج خمراً، ففي قولٍ نوجب مهر المثل، وفي قولٍ نوجب مثل العصير.
وإن قال: " أصدقتكِ هذه الخمر "، فاللفظ فاسد على رأيهم، والرجوع إلى مهر المثل. وعند ذلك تتفق الطرق.
ولست أدري ما يقوله هؤلاء فيه إذا قال: " أصدقتكِ هذا "، واللفظ لا فساد فيه، ولم يجر فيه ما نعتمده في تقويمِ أو اعتبارِ مِثْلٍ، والخمرة لا تتقوم، فيظهر هاهنا أن ذلك ينزّل منزلة قوله: " أصدقتكِ هذا الخمر "؛ فإنا لو لم نقل به، لم يمكننا أن نعتبر الخمر بالعصير، ولو فعلنا توجَّه أن نعتبرها خلاً، ولا ضبط.
ويبعد أن تُعتبر قيمتها عند من يرى لها قيمة- كما صار إليه بعض الأصحاب في أنكحة أهل الذمة إذا اتصلت بالإسلام، وقد جرى القبض في بعض الخمور المجعولة صداقاً.
وكل ذلك خبطٌ في هذا المقام، والوجهُ: القطع بالرجوع إلى مهر المثل في تسمية الخمر، وفي الإشارة المطلقة، وليس كالإشارة المطلقة إلى الحر؛ فإنّه قد يتجه تنزيلها منزلة قوله: " أصدقتكِ هذا العبد " فإنَّ تقويم الحر ممكن على حال.