وهاهنا يجب أن يتثبّت الناظر.
قال الشيخ أبو بكر في مجموعه، والقاضي في [طريقته] (?): إنما نُجري القولين إذا لم تفسد العبارة، فأما إذا فسدت، فالرجوع إلى مهر المثل قولاً واحداً.
وبيان ذلك أنه لو قال: " أصدقتها هذا الحر ". فاللفظ فاسد، والعقد لا ينعقد باللفظ الفاسد، فالرجوع إلى مهر المثل. وإنما محل القولين فيه إذا قال: " أصدقتكِ هذا العبد "، وهذا يُضعف القولين فيه إذا قال: أصدقتكِ هذا العبد، فإذا تبيّنا بالأَخَرَة أنَّ اللفظ فاسد إذا بان ذلك الشخص حراً، ولا حكم للظنون بعد التبين، وتسمية الحر عبداً فاسد، ولم يَرِد العقد على عبد مرسل.
قال شيخي أبو محمد: هذا له التفات على مخالفة [اللفظ] (?) الإشارةَ في مثل قول القائل: " بعتك هذه الرَّمَكَة "، فإذا المشار إليه بقرة، فإنَّ من أصحابنا من يغلِّب الإشارة ويُصحح البيع، ومنهم من يغلّب العبارة ويفسدها. فإذا قال: أصدقتكِ هذا العبد، فالعبارة صحيحة، والمشار إليه فاسد غير صالح للعوضية.
وهذا الذي ذكره لا يشفي الغليل. وذلك أنَّ المشار إليه إذا فسد، فيجب تنزيل العبارة على حكم الفساد، والخلاف الذي ذكره، فيه إذا اقتضت الإشارة تصحيحاً لو فرض الاقتصار عليها، والعبارة تخالف الإشارة، فمن الأصحاب من يُحبِط العبارة ويغلِّب الإشارة.
وحاصل ما ذكره الأصحاب -بعد ما ذكرناه من وجوه الإشكال- أنه لو قال: " أصدقتكِ هذا الحر "؛ فالرجوع إلى مهر المثل قولاً واحداً.
وإذا قال: " أصدقتكِ هذا العبدَ " -وهو حر- فقولان. هذا منتهى الإمكان.
8386 - ولو قال: " أصدقتك هذا العصير "، فتبين أنه خمر، أو قال: " أصدقتك هذه النعجة "، فإذا هي خنزير؛ فقد اضطرب طرق الأئمة. فالذي قطع به شيخي وطائفة من الأصحاب: أنَّا نحكم بالرجوع إلى مهر المثل قولاً واحداً من غير