من أصحابنا من قال: له تضمينه؛ لأنه ضيع الوديعة، حيث سلمها، ولم يستوثق بالإشهاد.
ومنهم من قال: لا ضمان؛ فإنه اعترف بأنه [سلّم] (?) الوديعة ممتثلاً أمره، وما كان [شرط] (?) المالك الإشهاد في تسليم الوديعة.
وأطراف الكلام في الأمانات تدور على التصديق من غير [إحواج] (?) إلى [إقامة] (?) بينة، وقد ذكرنا لهذا نظائرَ في الوكالة وغيرها من الكتب، من أقربها أن الرجل إذا وكل باستيفاء دين له على رجل، فقال الوكيل: قد استوفيتُ ودفعت إليك، فقال الموكل: ما استوفيتَه، فالقول قول الآمر؛ إذ لو ثبت على الوكيل أنه لم يستوف، لم يكن متعدياً، ولا ضامناً، وإذا كان لا يلزمه من تكذيبه ضمان، فالخصومة ترد إلى أصلها، وهو أن الأصل عدم الاستيفاء.
7672 - وبمثله لو قال: بع هذه السلعة واقبض الثمن، فباعه بثمن حالٍّ، ثم اختلفا، فقال: قبضتُ الثمن وتلف عندي، أو [دفعته] (?) إليك، وقال الموكل: لم تقبض، بل سلمت المتاع قبل قبض الثمن، فالقول في هذا المقام قولُ الوكيل؛ لأن الموكل يدعي عليه تعدّياً وضماناً؛ فإن تسليم المبيع قبل قبض الثمن عدوانٌ موجِب للضمان، ونحن لا نورِّط الوكيل في الضمان بقول الموكل، فاستبان أن الدَّوران على ثبوت الضمان على الوكيل وانتفائه عنه، فإذا لم يكن في تكذيبه ما يوجب تضمينه، فلا يبعد أن لا يصدق إذا تعلقت الخصومة بثالث.
وقد استقصينا هذا الفصل من أحكام الوكالة في كتابها، وذكرنا أنا في هذه المسألة الأخيرة إذا صدقنا الوكيل؛ حتى لا ننسبه إلى عدوان، فهل ينفذ هذا التصديق