على أن إمام الحرمين لم يكتف بالرجوع إلى مذهب السلف نظرياً، بل حث الأئمة والمسؤولين عن قيادة الأمة -والمحافظة على الدين أول واجباتهم- أن يجعلوا مذهب السلف ونهجهم في تعلم التوحيد هو ما ينبغي أن يعلم للكافة.

أكد في (الغياثي): " أن الذي يحرص الإمام عليه: جمعُ عامة الخلق على مذهب السلف السابقين، قبل أن نبغت الأهواء، وزاغت الآراء: وكانوا رضي الله عنهم ينهَوْن عن التعرض للغوامض، والتعمق في المشكلات، والإمعان في ملابسة المعضلات، والاعتناء بجمع الشبهات، وتكلف الأجوبة عما لم يقع من السؤالات، ويرَوْن صرفَ العناية إلى الاستحثاث على البر والتقوى، وكف الأذى، والقيام بالطاعة حسب الاستطاعة، وما كانوا ينكّفون -رضي الله عنهم- عما تعرض له المتأخرون عن عيّ وحَصَر، وتبلُّدٍ في القرائح. هيهات!

فقد كانوا أذكى الخلائق أذهاناً، وأرجحهم بياناً، ولكنهم استيقنوا أن اقتحام الشبهات، داعية الغوايات، وسبب الضلالات، فكانوا يحاذرون في حق عامة المسلمين ما هم الآن به مبتلوْن، وإليه مدفوعون، فإن أمكن حملُ العوام على ذلك، فهو الأسلم " (?).

ونعم ما أوصى به هذا الإمام.

فكل خير في اتباع من سلف ... وكل شر في ابتداع من خلف

إمام الحرمين وعلم الحديث:

عُرف إمام الحرمين بالتقدم والإمامة في عدد من العلوم الإسلامية: مثل أصول الدين، وأصول الفقه، والفقه، والخلاف، ولكن لم يكن له قدم راسخة في الحديث وعلومه. وسبحان من وزع المواهب.

وقد عبر عن هذا الجانب مؤرخو الإمام والمعقبون عليه، بعبارات مختلفة، مغزاها كلها: أنه لم يكن من أهل هذا الشأن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015