فلتُجْرِ آيةَ الاستواء والمجيء (?) وقوله: (لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) [ص: 75]. وَيَبْقَى (وَجْهُ رَبِّكَ [الرحمن: 27]. و (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) [القمر: 14]. وما صح من أخبار الرسول كخبر النزول وغيره على ما ذكرناه، فهذا بيان ما يجب لله" (?).
ونقل الحافظ الذهبي عن الفقيه غانم الموشيلي قال: " سمعت الإمام أبا المعالي يقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت، ما اشتغلت بالكلام " (?).
وقال الذهبي: " قال الحافظ محمد بنُ طاهر: سمعت أبا الحسن القيرواني الأديب -وكان يختلف إلى درس الأستاذ أبي المعالي في الكلام- فقال: سمعت أبا المعالي اليوم يقول: يا أصحابنا: لا تشتغلوا بالكلام، فلو عرفت أن الكلام يبلغ بي ما بلغ ما اشتغلت به " (?).
وقد علق السبكي على هذا القول فقال: يشبه أن تكون هذه الحكاية مكذوبة على إمام الحرمين، وابن طاهر عنده تحامل على إمام الحرمين، والقيرواني المشار إليه: رجل مجهول.
ولكن يعكر على هذا ما نقله الموشيلي عنه، ولم يتعقبه السبكي، ثم الأقوال الأخرى لإمام الحرمين في رجوعه إلى طريق السلف تؤكد صحةَ هذه الرواية. كما أن روايات الحفاظ لا تسقط بمثل التهم التي ذكرها السبكي، وأي تحامل على إمام
الحرمين في هذه الرواية؟ بل فيها ما يرفع من قدره.
وحكى الفقيه أبو عبد الله الحسن بن العباس الرستمي قال: "حكى لنا أبو الفتح الطبري الفقيه قال: دخلت على أبي المعالي في مرضه، فقال: اشهدوا علي أني قد رجعت عن كل مقالة تخالف السنة، وأني أموت على ما يموت عليه عجائز نيسابور" (?).