وإن كان مقدارُ الماوَرْد الخليِّ عن الطعم قليلاً، بحيث لو فرض له طعمٌ، لم يظهر طعمُه في هذا المقدار من الماء، فالوجه أن ننُبّه على مثار الإشكال في ذلك، ثم نوضّح المذهبَ.
فنقول: إذا كان مخالطُ الماء جامداً، وكان يسيراً مغموراً، فالجاري على أعضاء الطهارة ماءٌ (?) لا شك فيه، وإذا كان المخالط مائعاً، فقد نعتقد أنه لم يجرِ على البدن الماءُ المحض، فمن هذه الجهة تردد الأئمةُ على ما أصف مسالكهم.
فأقول: إن كان مع الرجل مقدار من الماء لا يستوعب بدنَه في الغُسل، فصبّ عليه من المَاوَرْد ما كمّله، وكان مقدارُ المَاوَرْد مع ذلك قليلاً، على ما سبق طريقُ اعتبار القلة، فمقدار الماء يجوز استعماله من هذا المختلط، وهل يجوز استعمال الزائد عليه؟ فعلى وجهين: أحدهما - وهو مذهب أبي علي الطبري (?) على ما ذكره العراقيون: أنه لا يجوز استعمال الزائد عليه؛ لأنّا لو جوزناه (?) -وإنّما كمل مقدار الوضوء بالمخالِط- فنعلم قطعاً أن الماء لم يعم أعضاءَ الوضوء.
قال العراقيون: هذا غلطٌ منه، والصحيح استعمال الزائد؛ فإن المخالط مغمور، فكأن المختِلطَ ماءٌ كله.
وكان شيخي يصحح الوجه الأول، ويزيّف ما صحّحه العراقيون، ويعتلّ بما وجهنا به ذلك الوجه.