ولو اجتمعت بينة في أحد الجانبين، وإلحاق القائف في الثاني، فالبينة مقدّمةٌ، اتفق عليه الأصحاب؛ فإن مستند البينة أثبت، وقول القائف وإن كان مقبولاً؛ فإنه صادرٌ عن حدسٍ وتخمين، والبيّنة حجة عامة في الخصومات جُمَع.
6136 - ولو كان التنازع في الحضانة لا في النسب، فالسابق في الالتقاط هو الحاضن، لا شك فيه.
فلو أقام كل واحد منهما بينةً أنه السابق، وصادفنا اللقيط في يد أحدهما، فبيّنته تُرجَّح ترجيح البينتين بين الداخل والخارج في خصومة الملك، على ما سيأتي في الدعاوى؛ فإن حقيقة الحضانة ترجع إلى اختصاصٍ بيد، فإذا كانت اليد تدلّ على الاختصاص بالملك، فلأن تدل على الاختصاص بالحضانة أولى.
وإذا كان المولود بينهما، وهما واقفان عليه، فأقام كل واحد منهما بينة، فإن حكمنا بتهاتر البينتين، فكأن لا بينة (?). وإن حكمنا باستعمال البينتين عند التعارض، فلا يخرّج قول الوقف؛ فإن الحضانة لا تحتمل ذلك، ولا يخرّج قول القسمة.
ولو قال قائل ردّدوا اللقيط بينهما على حكم المهايأة، امتنعنا من ذلك، لما فيه من الضرار على الطفل، كما حققناه في الفصول الماضية.
فلا يجري على قول الاستعمال إلاّ قولُ القرعة، ولا امتناع في إجرائه في حق الحضانة؛ فإنا إذا كنا نجريه في الملك، فإجراؤه غير ممتنع في الحضانة، وليس كما لو كان المتنازع نسباً؛ فإن القرعة لا جريان لها في النسب، فتنحسم (?) أقوالُ الاستعمال في النسب.
6137 - ومما تنفصل فيه الحضانة عن خصومات الأموال وعن النزاع في النسب أن المتنازعَيْن في الحضانة إذا أقام أحدُهما بينةً أنه التقط هذا الصبي أمس، وأقام الثاني بينة أنه التقطه اليوم، فالبينة الشاهدة بالسبق مقدمة.