العتق ليس مطلوباً؛ إذ لا يستيقن ملكٌ في عبد، بل نجتزىء بإنشاء عتقٍ في ملك ظاهر، وإذا قامت الأدلة على الفقد، لم يظهر العتق، وإذا لم يكن إلى تحصيل اليقين سبيل، فلا بدّ من الظهور، والقولان فيه إذا عميت الأخبار عن الحياة لو كانت، مع اجتماع أسباب ظهورها، حتى لو كان انقطاع الأخبار محالاً على انقطاع الرفاق، واضطراب الطرق، فيجب القطع بحصول البراءة ظاهراً؛ فإن مما ثبت أن كل أصل تقرر، ولم ينتفِ، ولم تنتصب دلالة تُغلِّب على الظن انتفاءه، فهو مُقَر على حكم البقاء. وصورة القولين في انتصاب الأدلة على نقيض البقاء.
6118 - وقد يتطرق إلى هذا سؤال، وهو أن يقال: كما يظهر البقاء مع البحث، فكذلك يظهر الموت، ولعل الدواعي إلى نقل الموت أميل منها إلى نقل الحياة؛ فإن الموت في حكم النادر في حق الحي، والنفوس مجبولة على نقل النّوادر، ولكن قد يُخفى على الإنسان ما يسوءه، وإن كان لا يُكذب له.
ثم مثل هذا إذا وقع، فالغالب ظهور خبر الموت وتبيّن الأمر على ما هو عليه،
فموقع القولين ما إذا انقطعت أخبار الحياة من غير مانع، ولم يظهر بعدُ الموتُ، فلو صوَّر مصوّرٌ استبهام الموت والحياة مع طول الزمان، كان ذلك على خلاف العادة، وإن شطت المسافة، أمكن حمل الانقطاع على بُعدها، ولا يجري القولان هاهنا.
6119 - ومما يجب التنبّه له أنا إذا لم نحكم ببراءة الذمة عن الكفارة، فلا نحكم بصحة بيع العبد والحالة هذه.
وإن حكمنا ببراءة الذمة عن الكفارة ظاهراً، ففي نفود البيع احتمالٌ؛ فإن إعتاق الآبق مُجزىءٌ مع امتناع بيعه.
ومما يجب دركه أنا إذا منعنا البيع، فلو تبين بقاء العبد، فالظاهر عندي نفوذ البيع، وإن كان قد يلتفت هذا على الوقف. ولكن إذا بأن الأمر، وكان البيع مستنداً إلى الملك، والتمكن من التسليم، فظنُّ التعذر لا يبقى أثره، مع تبين خلافه.
وكأن هذا في المعاملات يضاهي صلاةَ الخائف من سوادٍ يحسبه عَدُوا، ثم تبين خلافه. ولا يخفى أنا إذا تبيّنا بقاء العبد، فنحكم باستناد براءة الذمة عن الكفارة إلى وقت الإعتاق.