الشك، فضلاً عن ثبوت غلبة الظن على خلافه.
وقد ذكرنا في مراتب الأدلة في الأصول أن التعلق باستصحاب الحال باطل في معارضة الاجتهاد. وسبب اختلاف الأدلة في القول في النجاسات ضعفُ الاجتهاد؛ من قِبل أن علامة النجاسة خفية، فإذا فرض ظهورها، كانت مستيقنة. فهذا النوع إذاً من قبيل معارضة استصحاب الحال اجتهاداً ضعيفاً. وقد تجرّد الاستصحاب في الحدث والطهارة؛ إذ لا علامة فيهما أصلاً. وإذا عدمنا الاجتهاد بالكلية، استصحبنا ما كنا عليه.
فهذا مسلك الكلام في ذلك.
6116 - والذي يلتحق بقاعدة تقابل الأصلين على التحقيق المسألتان المذكورتان في غيبة العبد: إحداهما - في أن إعتاقه هل يبرىء ذمة المعتق؟ والأخرى في أن فطرته هل تجب؟ ففي قولٍ يبنى الأمر على بقائه؛ فنوجب الفطرة ونبرىء الذمة عن الكفارة وفي قولٍ لا نبرىء الذمة، ولا نوجب الفطرة.
وبالجملة مستند القولين اجتهادان يَعسُر على غير المدقق ترجيحُ أحدهما على الثاني، فمن لا يبرىء الذمة يقول: الأمر بالكفارة ثابت تحقيقاً، فليكن الخروج عنها في الظهور بمثابة موجِب الكفارة، وهذا اجتهادٌ ونوعٌ من النظر. والقائل الثاني يقول: إذا أعتق، فلسنا نستيقن بقاء الأمر بالكفارة الآن؛ إذ لو تحققنا بقاء العبد، لتبينّا براءة الذمة عن الكفارة، وإذا تبيّن سقوطُ اليقين ببقاء الأمر، فليس إلا التعلّق بنوعٍ من النظر المغلِّب على الظن، والغالب على الظن بقاء العبد.
6117 - ثم قد يظن كثير من الناس أنه لا يترجح في هذا الفن قول على قول، ولو كان كذلك، لانْحسم الفتوى وسقط مسلك الحكم في النفي والإثبات، واعتقاد ذلك محال. ونحن نتخد هذه المسألة معتبراً في طريق الفتوى، فنقول:
الظاهر عندنا أن ذمته لا تبرأ عن الكفارة؛ فإنه متعبَّد بعتقٍ ظاهر، وإذا غاب العبد وانقطعت الأخبار عنه مع طروق الطارقين، وتوافر الأخبار وبذل الجد في المباحثة، فهذا قد يدل على الفقد والموت، والأصل في الباب أن اليقين في حصول