والقدر الذي ذُكر في ثبوت حكم التعيين ما صرح به العراقيون، إذ قالوا: لو أفلس الملتقط، وظهر مالكُ الطعام، فهو أولى بالقيمة المميَّزة على الصورة التي ذكرناها، يستبدّ بها ولا يضارب الغرماء. وهذا فيه بُعدٌ، وسببه أنه مفرّعٌ على وجه بعيد.

5993 - ثم الذي أراه في ذلك أن يتملك صاحب الطعام إذا ظهر القيمةَ المميَّزةَ له، ويكون أولى بتملكها بحق التعيين السابق، ولو لم يتملكها، وأعرض عنها، لم يكن إعراضه عنها كإعراض المالك عن ملكه، وتمكّنُه من التملك فيها بمثابة تمكن البائع من الرجوع إلى العين المبيعة بطريق فسخ البيع، ولم يكن المبيع ملكاًً له حالة الإفلاس، ولكنه أوْلى به من الغرماء، كذلك القول في القيمة.

5994 - ولو انقضت السنة على شرط التعريف، والقيمةُ المميَّزةُ متروكةٌ في يد الحاكم، أو في يد من عينه الحاكم مبقَّاةٌ على حق مالك اللقطة، فإن لم يظهر، ولم (?) يظهر المالك، وتلفت القيمة، سقطت العهدة بالكلية عن الملتقط المستهلك.

ولو لم يكن في الناحية حاكم، فأراد الملتقط بسلطان الالتقاط أن ينصّب نائباً عن مالك اللقطة، ويسلم [القيمة] (?) إليه، فيُنزله منزلة الحاكم لو كان. هذا فيه احتمالٌ، كما ذكرناه من الاختلاف في أن الملتقط هل يملك بيع الطعام، إذا فرعنا على أنه يباع؟ ثم هذا الاحتمال يجري، وإن كان في الناحية حاكم، غيرَ أن البقعة إذا شغرت عن الوالي، والتفريعُ على وجوب البيع، فالملتقط يبيع وجهاً واحداً.

وإذا فرضنا خلوَّ المكان عن الوالي، فلا يجري إنفاقٌ على ملك الملتقط [و] (?) نصب نائبٍ عن مالك اللقطة حتى يقبض القيمة التي يعتمدها التعريف، بل الأمر محتمل مشكل في ذلك؛ فإن ملك بيع مال الغير أمرٌ مفهوم، وتمييز القيمة، ونصب من يقبضها عن مالكٍ مجهول، كلام فيه اضطراب بيّن. [وإنما] (?) يظهر بعض الظهور إذا صدر قبضُ القيمة من والٍ ينوب عن الملاك الغُيَّب، وإن كانوا مجهولين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015