والوجه الثاني - أن ذلك لا يجب، ولكن يعرِّف من يعرف، والقيمةُ في ذمة من استهلك الطعام.
وقال أئمة العراق: التعيين في القيمة والتمييز من سائر أملاك الملتقط موجَبُه أن القيمة لو تلفت في مدة التعريف، كان تلفها على حكم الأمانة، وكان ينزل منزلة تلف العين المعرَّفة، لو كانت باقية، حتى تلفت في مدة التعريف.
5991 - وهذا فيه بعض الخبط، وسببه شيئان: أحدهما - إطلاق الأصحاب لذكر القيمة وتمييزها، وهذا [يجرّ] (?) إشكالاً في التصوير. والآخر - ضعفُ الوجه.
أما التصوير، فوجه الغموض فيه أن الملتقط المستهلك للطعام لو ميز قيمة الطعام في قصده فعيَّنها في تقديره، فهذا ليس بشيء، وليس هو التعيين الذي ذكره الأصحاب؛ فإن القيمة لا تتعين بمثل هذا من غير فرض يدٍ قابضة عن المتلِف الملتزِم، والذي أراده الأصحاب بالتعيين ما ذكره الصيدلاني، وكلُّ واقفٍ على المراد من هذا الفصل، قالوا: حقٌّ على الملتقط أن يسلّم القيمةَ إلى القاضي أو إلى نائبه، ثم يكون القاضي بمثابة يد المستحِق في إفادة التعيين، وتفرض القيمة من طريق التقدير مملوكةً لمالك الطعام، ثم إذا فرضنا تلفَ القيمة في مدة التعريف، فيكون تلفُها بمثابة تلف العين المعرَّفة في مدة التعريف، إذا كانت باقية.
هذا بيان ما يتعلق بالتصوير.
5992 - أما ضعف الوجه، فلا شك فيه، فإن التزام القيمة من غير طالبٍ ومطالَبٍ بها في اللقطة (?) بعيد، وليس في تمييزها احتياط لمالك الطعام؛ فإن تبقية [الطعام] (?) في ذمة الملتقط المستهلك للقطة أحوطُ لمالك اللقطة، من تعريض حقه للسقوط بتقدير تلف القيمة.
ثم الأصحاب قالوا في التفريع على تمييز القيمة: القيمة قائمة مقام العين، وليست مملوكة في الحقيقة لمالك اللقطة.