وإن جوزنا ذلك، فلا ضمان على الأمين، وفي براءة الغاصب وجهان مرتبان على الوجهين في براءته إذا أزال القاضي يدَه، وهاهنا أولى بأن يبقى الغاصب في عهدة الضمان.
ولو فصل فاصلٌ بين أن يجري ذلك من الواحد من الناس وفي الموضع قاضٍ يمكن رفعُ الأمر إليه، وبين أن تكون البقعة شاغرةً عن الوالي، لكان حسناً خارجاً على الترتيب الذي قدمناه في تفاصيل هرب الجمّال.
5953 - فإذا تمهد ما ذكرناه، عاد بنا الكلامُ إلى العبد إذا التقط، وقلنا: إنه ليس من أهل الالتقاط، ويده على اللقطة يدُ غصب. فلو أراد السيد أن ينتزع تلك العينَ من يده، ويحفظها لمالكها، فهل له ذلك أو لا؟
نقول: لو استدعى السيد من السلطان أن يفعل ذلك، فهذه الصورة أولى بأن يزيل السلطان فيها يدَ العدوان، وإذا أزالها، فحصول البراءة أولى، والسبب فيه أن البراءة من الضمان ترجع إلى السيد، وهو غير منتسب إلى العدوان، حتى يغلّظ عليه الحكم، وليس كذلك إذا كانت الواقعة مع الغاصب نفسه.
5954 - هذا إذا التمس السيد من السلطان، فأما إذا أراد السيد بنفسه أن يزيل يدَ العبد ويحفظ اللقطةَ على مالكها، فهل له ذلك؟ ولو فعل هذا يسقط الضمان؟
فعلى وجهين مرتبين على الوجهين فيه إذا تعرض لإزالة يد الغاصب آحادُ الناس، وهذه الصورة أولى بألا تحصلَ البراءة فيها؛ فإن السيد ساعٍ في حق نفسه ويدُ العبد يدُه، فلا يحصل الانتقال التام، ولا تتحقق الحسبة، والسيد في حكم من يبرىء نفسه بنفسه.
فإن قلنا: لا يملك السيد انتزاع العين من يد العبد، ولو فعله، لكان غاصباً بنفسه، والضمان باقياً، كما كان، فلا كلام.
وإن قلنا: للسيد أن يزيل يدَ العبد، وإذا أزالها، زال الضمان فلو كان العبد موثوقاً به، والتفريع على الوجه الذي انتهينا إليه، فأراد السيد استحفاظ عبده، وتقرير العين في يده، وإحلال يده على الابتداء محل يده، فهل يسقط الضمان إذا فعل