فإن قلنا: يبقى الغاصب في عهدة الضمان، فالقاضي (?) يأخد العين المغصوبة منه، وإن قلنا: يبرأ الغاصب لو أخد القاضي منه العين المغصوبة، فهل للقاضي أن يأخذها، ويحفظها على مالكها؟ فعلى وجهين: أحدهما - له ذلك؛ فإن قطع العدوان وحفظَ العين المملوكة للمالك أحوط وأليق بالنظر للغاصب والمغصوب منه.
والوجه الثاني - ليس له ذلك؛ فإن إبقاء العين في عُهدة الضمان أولى من تبرئة الغاصب، ورد العين أمانة.
وهذا التردد فيه إذا لم تكن العين المغصوبة معرضة للضياع، [فإن كانت معرضة للضياع] (?)، وكان الغاصب بحيث لا يبعد تغييبه وجهَه، فالرأي: للقاضي أخذُ العين، وإن وقع التفريع على أن الغاصب يبرأ. هذا قولنا في القاضي وأخذه العينَ المغصوبة.
5952 - فأما إذا أراد واحدٌ ممن ليس والياً أن يأخد العينَ المغصوبة محتسباً، ويوصِّلَها إلى مستحقها، فهل له ذلك، أم لا؟
ننظر: فإن لم تكن العين عرضةً للضياع، ولم يكن الغاصب ممن يفوت توجيه الطلب عليه، فليس لآحاد الناس أن يتعرضوا لإزالة يده.
وإن كانت العين عرضة للضياع، فهل يجوز للأمين من آحاد الناس أن يزيل يدَ ذلك الغاصب، ويحفظ المغصوب على المالك؟ فعلى وجهين: أحدهما - ليس له ذلك؛ فإن هذه الأمور يستفيدها الولاة بالولاية؛ من جهة أن الأمر يُفضي إلى المغالبة، وقد يؤدي إلى القتال، وشهْر السلاح، وكل ما كان كذلك، فهو مفوّض إلى راعي الرعية، والقاضي ينوب عن الغائبين بولايته.
والوجه الثاني - أنه يجوز للأمين أن يتولى ذلك احتساباً، ونهياً عن المنكر.
وهذا غير مرضيّ.
ثم يتصل بذلك أنا إذا لم نجوّز ما ذكرناه، فلو فعله الأمين، صار ضامناًً، وكان بمثابة الغاصب من الغاصب.