وما عندي أن هذا المقدار [من البيان] (?) يختص بذكر الجنس، بل لو وصف العِفاص والوكاء، والظرف، كفى، والحديث دالٌّ عليه، فإنه صلى الله عليه وسلم قال: " اعرف عفاصَها ووكاءها، وعرَّفها سنة " وهذا منه صلى الله عليه وسلم إيماءٌ إلى ذكر العِفاص، والوكاء في التعريف.
5925 - فإذا نجز ما يتعلق بالتعريف، فإنا نقول بعده: ليس على الواجد أن يتولى التعريف بنفسه، وله أن يستنيب فيه متبرِّعاً أو مستأجَراً، وإذا مست الحاجة إلى مؤونة في التعريف، فقد أطلق العراقيون أن مؤونة التعريف على الملتقط، واعتلّوا بأن التعريف ذريعةٌ إلى التملك، والسبب الذي به يحصل الملك في اللقطة، فكأنه يسعى لنفسه. وهذا الذي ذكروه ليس على ما أطلقوه، فإن كان الالتقاط على قصد الحفظ للمالك، فهذا يتفرع على ما قدمناه من الوجهين في أن التعريف هل يجب على مثل هذا الملتقط؟ فإن أوجبناه، وقصدُه الأمانة، فيبعد أن نُلزمه مؤونةَ التعريف، والحالة هذه، والوجه أن نطلق له رفع الأمر إلى الحاكم، حتى يقترض على صاحب اللقطة، أو [يأذن للملتقط على تفاصيلَ] (?) قدمناها في هرب الجمال. ثم تكون المؤونة في التعريف محسوبة على رب اللقطة؛ فإن هذا تسبّبٌ إلى إيصالها إليه.
وإن لم نوجب على من لا يبغي التملك التعريفَ، فلا تُحسب المؤونة على صاحب اللقطة، ويقدر التعريف تبرعاً منه. وما يتبرعّ به الأمين لا يرجع به.
هذا إذا قصد الأمانة.
5926 - فأما إذا قصد التملك بعد التعريف على النظام الشرعي، فما قطع به العراقيون من إيجاب المؤونة على الملتقط فيه متسع لمجال (?) النظر؛ فإن التعريف في حاله تشوفٌ إلى إظهار المالك ليردّ اللقطة عليه، والتملك يقع بعد اليأس المظنون من العثور على مالك اللقطة، فالقول في المؤنة محتملٌ على قياسنا، حيث يبغي التملك.