مضبوط، ويظهر أيضاًً جواز أن يتسلط على الردّ، حتى يقال: لا قرار للهبة إلا بأن يتفق بذلُ الثواب. وإذا رأينا لزوم الهبة، فلو أراد أن يردّ الموهوبَ ثواباًً، فهذا فيه احتمال.
والأوجه ألا يجوز؛ فإنّ هذا ليس معتاداً في الثواب، [وتحويمنا] (?) في أصل الثواب، وتفصيلة على العادة، ولا خلاف أنه إذا أراد الثواب، لم يتعين عليه جنسٌ من الأجناس.
وإن فرّعنا على طلب الرضا، تخيّر الواهب والموهوب جميعاً؛ فهذه هبةٌ جرى القبض فيها، والخيار ثابتٌ في نقضها من الطرفين، وسبب ذلك تطرّق الثواب إلى الهبة وخروجُها عن حقيقة التبرع المحض.
وإن رأينا الاكتفاء بأقل ما يتمول، ففي تخير الواهب احتمال ظاهر، وإذا أثاب بقدر قيمة الموهوب، فلا خيار للواهب على هذا الوجه الذي انتهينا إليه.
وإن فرعنا على اتباع العادة في قدر الثواب، ولم نجزم قولَنا بلزوم قدر القيمة، فإن أثاب بقدر القيمة، فلا خيار، وإن أثاب بما ينقص عن قيمة الموهوب، ولكن يُعتاد مثلُه ثواباً، فالظاهر أنه لا خيار، وإن جرى نزاعٌ في حكم العرف، رفع الأمر إلى الحاكم، ورجع إلى أرباب العرف.
فهذا منتهى ما أردناه الآن في الهبة المطلقة.
5890 - فأما القسم الثالث - وهو تقييد الهبة بالثواب، فلا يخلو الثواب إما أن يكون مقدراً، وإما أن يكون مبهماً.
فإن كان مقدراً، فالأصح الصحةُ. وذكر بعضُ الأصحاب قولاً في الفساد؛ بناءً على أن الهبة المطلقة لا تقتضي الثوابَ، ومصيراً إلى أن الجمع بين الهبة وبين إلزام الثواب تناقضٌ. وهذا وإن كان متجهاً بعض الاتجاه، فهو غريب في الحكاية.
وإذا صححنا وأثبتنا الثواب فقد اختلف أصحابنا في أن ذلك: هبةٌ أو بيعٌ؟ فذهب المحققون إلى أنه بيعٌ في جميع أحكامه، ولا يتوقف ثبوت الملك على الإقباض، ويتعلق به عُهَدُ البيع، واستحقاقُ الشفعة.