والذي يحقق ذلك، ويوضّحه أن الملك محبّس على الموقوف عليه، والتحبيس مقتضاه الحجر، فالموقوف إذاً محجور عليه، وإن ثبت له الملك.

وينقدح من هذا فرقٌ بين العتق والاستيلاد على بُعدٍ والظاهر التسوية بينهما؛ فإن عتق المحجور عليه لا ينفذ، واستيلاده ينفذ، لأنه فعلٌ، لا سبيل إلى ردّه في ملكه، والمرعيّ في الحجر حق المحجور، والملك خالص له، وملك الموقوف. عليه ليس بخالصٍ؛ إذ لو كان خالصاً، لأفاد إباحة الوطء.

هذا منتهى المراد في وطء الجارية الموقوفة، وما يتعلق به.

5789 - ونحن وراء ذلك نبتدىء أصلاً متصلاً بما ذكرناه، فنقول: إن صححنا تزويج الجارية الموقوفة، وقلنا: الملك في الوقف للواقف، أو هو زائل إلى الله تعالى، فيجوز للموقوف عليه، أن يتزوجها. وإذا قلنا: الملك للموقوف عليه، فلا شك أنه لا يتزوجها؛ فإن المالك لا يتزوج مملوكته، ولا فرق بين أن يكون الملك قويّاً، أو ضعيفاً، فإذا حكمنا له بالملك نمنعه من التزوّج (?). ولو كان نكح أمةً، فوقفها سيدُها عليه، والتفريع على أن الملك للموقوف عليه، فإذا تم الوقفُ، انفسخ النكاح على ظاهر المذهب.

5790 - وذكر صاحب التقريب وجهاً بعيداً أن دوام النكاح لا ينفسخ بالملك الذي يحصل بالوقف للموقوف عليه؛ فإن هذا ليس ملكاًً حقيقياً، وإنما هو في حكم تقديرٍ. ثم خرّج هذا على مسائل اختلف الأصحاب فيها: منها- أن الأب لا ينكح أمة ابنه، ولو كان نكح أمةً، فاشتراها ابنُه، ففي انفساخ النكاح بالملك الطارىء للابن وجهان. وكذلك لا ينكح السيد جاريةَ مكاتَبه، ولو نكح أمةً، فاشتراها مكاتَبه، ففي انفساخ النكاح وجهان (?).

كذلك لا ينكح الموقوف عليه الجاريةَ الموقوفةَ ابتداءً، ولو كان نكح أمةً، فوُقفت عليه، ففي المسألة وجهان. والتفريع على أن الملك للموقوف عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015