الواقف، كالقول فيه إذا وطىء الراهن الجاريةَ المرهونة، وأعلقها، فمن قضى بنفوذ الاستيلاد بناء على ملك الراهن، قضى في مسألتنا بنفود استيلاد الواقف، ومن أبى ثَمَّ، أبَى هاهنا، والسبب فيه أنا وإن حكمنا للواقف بالملك، فللموقوف عليه حقٌّ متأكد ينقضه العتق إذا طرأ، فكان شيخي يقول: استيلاد الواقف أوْلى بألا ينفذ، فإن الوقف مبناه على ألا يُرَدَّ، وحق المرتهن يقبل الفسخ، والرفع.

5787 - وهاهنا نفي بما وعدناه؛ فنقول:

ظاهر كلام الأصحاب يدل على أن استيلاد الموقوف عليه ينفد قولاً واحداً، إذا قلنا: الملك في الجارية له، وفي نفود استيلاد الواقف الخلافُ الذي ذكرناه إذا قلنا: الملك في رقبة الوقف للواقف.

والفرق أنا إذا أثبتنا الملك للموقوف عليه في الرقبة، وحق المنفعة له أيضاًًً، فقد اجتمع له ملك الرقبة، واستحقاقُ المنفعة، فالحق كله له إذاً أصلاً وفرعاً، وليس كذلك الواقف، فإنا وإن حكمنا بأن الملك في الرقبة له، فحق المنفعة للموقوف عليه. وهذا الفرق لا بأس به.

ولكن يبقى معه أن الموقوف عليه ليس له أن يُبطل الوقفَ، وإن جعلنا الملك في الرقبة والمنفعة له، وكأن (?) الواقف قصد إلى تحبيس الملك على الموقوف عليه، فلو مَلَّكْنا الموقوف عليه أن يُبطل الوقف، لكان ذلك تسليطاً منا إياه على قطع الوقف بعد لزومه، وهذا لا يليق بوضع الوقف، فليس يبعد عن الاحتمال تخريج نفوذ الاستيلاد من الموقوف عليه على الخلاف على قولنا: إن الملك له؛ فإنا لو نفذنا الاستيلاد، لأبطلنا الوقف، على خلاف وضعه، وعلى خلاف مراد الواقف.

5788 - والذي يحقق ذلك أن نفود الاستيلاد في هذه الأبواب بمثابة نفود العتق لو قدر إنشاؤه، ولو أعتق الموقوف عليه العبدَ الموقوفَ، على قولنا: إن الملك للموقوف عليه، فلا سبيل إلى قطع القول بنفود العتق، فإذا كان الأمر في العتق على التردّد، فليكن الاستيلاد بمثابته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015