4995 - ومن أركان المعاملة ربطُها بجزءٍ من الثمار، كما ذكرناه في المقارضة، فإن وقع التوافق على غير الثمار، بأن سمى له دراهمَ معلومةً، أوْ ما في معناها، فقد خرجت المعاملةُ عن وضعها، والنظرُ بعد ذلك في استجماع ما جرى لشرائط الاستئجار.
ولو أراد عقد الإجارة بلفظ المساقاة، ففيه التردد الذي ذكرناه في عقد المساقاة بلفظ الإجارة.
فإذا تبين أن المساقاة تتعلق بجزءٍ من الثمار، فلا بدّ من إعلامٍ بالجزئية، كما قدمناه في إعلام جزئية الربح في القراض، ويفسد إعلامُ الجزئية باستثناءٍ مُقَدَّرٍ منها، كما يفسد القراض بمثل ذلك، حتى لو قال رب الأشجار: صاعٌ من الثمار لي، والباقي منها مقسوم بيننا نصفين، أو ثلثاً وثلثين، أو على ما يتفقان عليه، فهذا باطل؛ (1 فإن الثمار مغيبةٌ 1)، فربما لا يوجد أكثر من صاع، فيكون هذا بمثابة ما لو شرط أن يكون كلُّ الثمار له، وهذا ممتنع، كنظيره من القراض.
ولو شرط جملة الثمار للعامل، ولم يستبق لنفسه شيئاً، فالمعاملة فاسدةٌ أيضاً.
وتفترق المساقاة والقراض عند إضافة جملة الثمار إلى إحدى الجهتين على الوجه الذي ذكرناه في القراض.
فإن قيل: [إن] (?) كان لا يظهر في القراض غرض مالي في صرف جميع الربح إلى العامل، ويفسد القراض لأجله، فقد يقصد ربُّ الأشجار تنمية الأشجار، ويرى أن يجعل الثمار في المدة في مقابلة الأعمال المنمِّية للأشجار.
قلنا: لسنا ننكر كَوْنَ ذلك مقصوداً في مطرد العرف، ولكن الشرعَ وضع هذه المعاملةَ، واحتمل ما فيها من الجهالة لتحصيل الثمار، ولهذا تكون أعمالُ المساقَى مؤثرةً في تنمية الثمار، وليس عليه كلُّ عمل يفرض ويقدَّر في البستان، وإنما يمتاز عمله بما ذكرناه من تأثيره في الثمار، على ما سنصف ذلك من بعدُ، إن شاء الله.
وبالجملة كل معاملة تشتمل على جهالة، وقد ظهر احتمال الشرع لها، فهي